مقال

نفحات إيمانية ومع الحياة الطيبة ” الجزء السابع

نفحات إيمانية ومع الحياة الطيبة ” الجزء السابع ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع الحياة الطيبة، فلا تخشى غمّا ولا تشك هما، ولا يصبك قلق مادام أمرك متعلقا بقول الله جل وعلا في الحديث القدسي ” أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ” رواه البخاري ومسلم، وبهذا الحديث وأمثاله بدت السعادة في وجوه السعداء، والتي يعبر عنها من أحس بنشوتها من أئمة الإسلام فيقول “إننا نحس بسعادة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليها بحد سيوفهم” فالسعادة التي يمثلها من يغدو في خمائلها ويقول “إنه لتمر علي ساعات أقول فيها لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذاً في عيش طيب” فإن أمثال هؤلاء هم الذين ابتسموا للحياة حينما كشرت عن أنيابها.

 

واستقبلوا الآلام بالرضى والتسليم، اللذين يحولانها إلى نعمة تستحق الشكر والحمد، على حين أنها عند غيرهم مصائب تستوجب الصراخ والعويل، فإذا كانت السعادة شجرة منبتها النفس البشرية، فإن الإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، هو ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها، فاتقوا الله واعلموا أن العلم الذي يبصر ويهدي، والهمة التي تحفز وترقي، إنما هما في الحقيقة مفتاحا مراتب السعادة والفلاح، وإنما تفوت هذه المراتب العبد من هاتين الجهتين أو من إحداهما، فإما أن لا يكون له علم بها، فلا يتحرك في طلبها، أو يكون علم بها ولا تنهض همته إليها، ألا فاعلموا أن لفقدان السعادة أبوابا ينبغي إحكام إغلاقها وكشف عوراتها، فمن ذلك الغناء مزمار الشيطان.

 

ورقية الزنا، الذي ينبت النفاق والقلق كما ينبت الماء الكلأ، كما أن من مهلكات السعادة، جعل البيت المسلم محلا لمردة الجن وبعد الملائكة، وذلك بنشر الصور التي حرمها الشارع على جدرانه وفي فنائه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة ” فما بال الكثيرين يغلقون أبوابهم في وجوه الملائكة ويستدعون أسباب الشقاء والقلق ثم هم ينشدون السعادة بعد ذلك؟ فإن من أبواب الشقاء هى الذنوب والمعاصي التي قال عنها النبى صلى الله عليه وسلم ” إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه “رواه أحمد، وقد قال الإمام أحمد”وجد في خزائن بني أمية حنطة، الحبة بقدر نواة التمر وهي في صرة مكتوب عليها هذا كان ينبت في زمن العدل”

 

ولذا فإن سعادة القلب المثمرة ببركة الرزق منوطة بالطاعة والتقوى، ولقد جاء عند مسلم في صحيحه في وصف المهدي المنتظر الحديث وفيه ” ويقيم الدين الذي بعث الله به رسوله، وتخرج الأرض بركتها وتعود كما كانت، حتى إن العصابة من الناس ليأكلون الرمانة ويستظلون بقحفها أي قشرها ويكون العنقود من العنب حمل بعير” ومن أسباب القلق التهاون بشأن الصلاة أو التقليل منها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” وجعلت قرة عيني في الصلاة ” رواه أحمد والنسائي “وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر اشتد عليه لجأ إلى الصلاة” رواه أحمد وأبو داود، ثم إن ترك الذكر والدعاء والاستغفار، محل للشقاء والهم والحزن، ولذا كان لزاما على من ينشد السعادة ألا يغفل هذا الأمر المهم.

 

بل عليه أن يمسك بزمامه، ويعض عليه بالنواجذ، وليستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم” من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ” رواه أبو داود والنسائي، ولقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة فقال ” يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ ” قال هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال ” أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك وقضى عنك دينك” قال بلى يا رسول الله، قال ” قل إذا أصبحت وإذا أمسيت الله إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال” وقال أبو أمامة “ففعلت ذلك، فأذهب الله همي وقضى عني ديني” رواه أبو داود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى