مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء السادس “

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى الشِعب ” الجزء السادس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الرسول الكريم فى الشِعب، فقال المطعم أبغنا ثالثا، وهنا فاجأه أيضا هشام وقال قد فعلت، قال ومن هو؟ قال زهير بن أبي أمية،ولأن المهمة ولا شك صعبة، قال المطعم أبغنا رابعا، ولكن لم يدخل اليأس قلب هشام بن عمرو، ومن فوره ذهب يبحث عن رابع حتى وجده في شخص أبي البختري بن هشام، ذهب إليه هشام وقال له مثل ما قال للمطعم، فقال أبو البختري “وهل من أحد يعين على هذا؟” قال هشام “نعم، زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وأنا، وكسابقه رد أبو البختري أيضا بقوله “أبغنا خامسا” وإنه في الحقيقة مجهود ضخم يقوم به هشام بن عمرو، وهو ليس بمسلم، وليس من بني هاشم أو بني عبد المطلب، ولكن لشيء كان قد تحرك بداخله.

 

ولمشاعر كانت ما زالت نقية أصيلة، فأسرع هشام بن عمرو من جديد وكله حمية يبحث عن خامس، فذهب إلى زمعة بن الأسود وهو من بني أسد، فقال له زمعة “وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد؟” قال نعم، ثم ذكر له الأربعة السابقين، فوافق زمعة بن الأسود الأسدي، اجتمع الخمسة رجال، وأخذوا القرار الجريء الذي سيعارضون به أكابر القوم، القرار الذي قد يؤدي إلى انقسام حاد في المجتمع المكي، وقد يؤدي إلى نصرة دين لا يقتنعون به، ويفعلون كل ذلك لشيء كان قد تحرك في صدورهم جميعا، إنه حمية النخوة، النخوة المتمثلة في أن تجد إنسانا أي إنسان مؤمنا كان أو كافرا، أن تراه يعذب، أن تراه يظلم، أن تراه يجوع أو يعطش.

 

ثم تقول بملء فيك لا، إنها النخوة التي زرعت في قلوب أناس ما عرفوا الله ، وهي نفسها النخوة التي لم نرها من مسلمين كثيرين، قد رأوا بأعينهم جرائم الحصار والقتل لآلاف وملايين من المسلمين، وليس في أذهانهم ما يحدث لإخوانهم وأخواتهم في أماكن كثيرة في العالم؟ فأين النخوة التي تحركت في قلوب الكافرين الخمسة؟ أين النخوة التي دفعتهم لمعاداة قريش دون مصلحة شخصية محققة؟ أيأتي على المسلمين زمان نرجو فيه أن تكون أخلاقهم كأخلاق الكافرين؟ إننا نحتاج إلى وقفة مع النفس، فقد اجتمع الرجال الخمسة واتفقوا على القيام بنقض الصحيفة، وقال زهير أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم، ولما كان الصباح ذهبوا إلى المسجد الحرام.

 

ونادى زهير على أهل مكة فاجتمعوا له، فقال يا أهل مكة، أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى، لا يباع ولا يبتاع منهم؟ والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة، هنا قام له أبو جهل زعيم مكة وزعيم بني مخزوم، قام يرد عليه وكله حماسة وغلظة، فقال كذبت، والله لا تشق، فقام زمعة بن الأسود وقال أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حين كتبت، ومن بعده قام أبو البختري بن هشام فقال صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها ولا نقرّ به، ومن بعده أيضا قام المطعم بن عدي وقال صدقتما وكذب من قال غير ذلك وهو يقصد أبا جهل، نحن نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها، وهنا قام الرجل الخامس هشام بن عمرو، الذي جمع كل هؤلاء.

 

فقال مثل ما قاله المطعم، وصدّق المطالبين بنقض الصحيفة وقد حدث كل هذا في دقائق معدودة، ووجد أبو جهل نفسه محاصرا بآراء خمسة من الرجال، حينها أدرك أن هذا لم يكن قدرا ولا مصادفة، فقال هذا أمر قضي بليل، وكانت معية الله أصبح الموقف متأزما، فإذا كان رقم الخمسة رجال كبيرا، فإن على الناحية الأخرى أبا جهل، وهو زعيم مكة، ومعه كثير جدا من زعمائها، ومن هنا فقد لاح في الأفق بوادر أزمة ضخمة في مكة، لكن الله تعالى أراد أن تنتهي هذه المعضلة ويفك الحصار، فحدث أمر آخر قد تزامن مع هذه الأحداث، فقد أوحى الله إلى نبيه أن الأرضة وهى دودة الأرض، قد أكلت الصحيفة، ولم تترك فيها إلا ما كان من اسم الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى