مقال

نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء “الجزء الثامن “

نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء “الجزء الثامن ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع يوم عاشوراء، وذلك هو يوم عاشوراء العاشر من المحرم، ولقد حبا الله عز وجل هذا اليوم فضلا وضاعف فيه أجر الصيام، ثم كان للناس فيه طرائق، فأدخلوا فيه وأحدثوا وزادوا، إما رغبة في الخير أو مجاراة للناس، وإما اتباعا للهوى وزهدا في السنة، ولكن ماذا يعني لنا نحن المسلمين يوم عاشوراء؟ فلقد جاء في فضل عاشوراء أنه يوم نجّى الله فيه نبيه موسى عليه الصلاة والسلام والمؤمنين معه، وأغرق فيه فرعون وحزبه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ فقالوا هذا يوم عظيم نجّى الله فيه موسى وقومه.

 

وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فنحن أحق وأولى بموسى منكم” فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، رواه البخاري ومسلم، وجاء في فضل صيامه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام عاشوراء فقال “يكفر السنة الماضية” رواه مسلم، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم “من صام عاشوراء غفر له سنة” وهذا فيمن صادف صومه وله سيئات يحتاج إلى ما يكفرها، فإن صادف صومه وقد كفرت سيئاته بغيره انقلبت زيادة في درجاته” ويصور ابن عباس رضى الله عنهما حرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على صيامه فيقول “ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء، وهذا الشهر” يعني شهر رمضان، متفق عليه.

 

ولِما عرف من فضله فقد كان للسلف حرص كبير على إدراكه، حتى كان بعضهم يصومه في السفر خشية فواته، وكذلك فإن مخالفة الكفار من أبرز مظاهر تحقيق البراء من الكافرين، والذي لا يتم الإيمان إلا به، وقد شدد الشارع الحكيم على المتشبهين بهم، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم “من تشبه بقوم فهو منهم” رواه أبو داود، وقد ذكر ابن تيمية أن هذا أقل أحواله التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، حتى أمر بمخالفتهم ونهي عن موافقتهم، فعزم على أن لا يصوم عاشوراء مفردا، فكانت مخالفته لهم في ترك إفراد عاشوراء بالصوم، فعن ابن عباس رضي الله عنهما.

 

قال حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع” رواه مسلم، والمراد أنه صلى الله عليه وسلم عزم على صوم التاسع مع العاشر، وقال لم يُعثر عليه بهذا اللفظ، وفي ترك إفراد عاشوراء بالصوم درس عظيم، فإنه مع فضل صوم ذلك اليوم وحث النبي صلى الله عليه وسلم على صومه وكونه كفارة سنة ماضية إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بمخالفة اليهود فيه، وعزم على ضم التاسع إليه، فوقعت المخالفة في صفة ذلك العمل مع أن صوم عاشوراء مشروع في الشريعتين، فكيف بما كان دون ذلك من المباح أو المحرم وما كان من شعائر دينهم؟

 

لا شك في أن ذلك فيه من المفاسد ما لا يظهر أكثره لأكثر الخلق، وديننا يأمرنا بالتميز في سلوكنا ومظاهرنا وفي عباداتنا، وأن تكون لنا نحن المسلمين الشخصية المتميزة المبنية على الشعور بالعزة الإيمانية، والإسلام منهج وسط في الاتباع، فحاديه دائما الحق المجرد، ففعل المشركين لحق لا يسوغ ترك هذا الحق بدعوى مخالفتهم، كما أن فعلهم لباطل لا يسوغ متابعتهم فيه بدعوى موافقتهم لتأليف قلوبهم، وعليه تنفى الدوافع المتوهمة للإيجاب ممالأة أي مبطل أو متابعته في باطله أو ترك حق لأنه فعله إذ مقياس القبول هو توافقها مع الشرع، وميزان المخالفة ما كان من خصائص ملتهم وشعائر دينهم، ولقد علل اليهود صيامهم عاشوراء بمتابعتهم نبى الله موسى عليه السلام حين صامه شكرا لله على إنجائه له من فرعون.نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء "الجزء الثامن "

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى