مقال

نفحات إيمانية ومع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء الخامس ”

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع عليكم بشرع الله عز وجل، وإنه لمن المؤسف حقا أن كثيرا من المتحمسين لهذا الدين ضلوا الطريق، فجعلوا قضية الحكم بغير ما أنزل الله في شؤون الحياة قضية منفصلة عن قضية العقيدة، لا تجيش لها نفوسهم كما تجيش للعقيدة، ولا يعدون المروق منها مروقا من الدين كالذى يمرق من عقيدة أو عبادة، والعمل بشريعة الله تعالى يجب أن يقوم ابتداء على العبودية لله عز وجل، على الطاعة لله تعالى، إظهارا لكمال العبودية لله سبحانه، وبعد الطاعة يجوز للعقل البشري أن يلتمس حكمة الله عز وجل بقدر ما يستطيع فيما أمر الله تعالى به أو نهى عنه، فإن عرف الحكمة فذلك من فضل الله، وإن لم يعرف فمقتضى العبودية الطاعة.

 

والانقياد والتسليم لله عز وجل، والعقل كلما تخلص من الهوى بمخالطة التقوى له، ومراقبة القلب له، يختار الطيب على الخبيث، فينتهي الأمر إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، والله سبحانه، جعل هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، وأكرمها بأفضل الكتب والرسل والشرائع، وأعدها لحمل منهج الله في الأرض، لتستقيم عليه، وتقيم الناس عليه، وحينئذ تكون ربانية حقا، وترتفع بشريتها إلى أحسن تقويم، وإن هذا الدين هو مجموعة أوامر الله التي أنزلها في كتابه، وأمر بها جميع عباده، فلا يعرف الفصل بين العقيدة والعبادة والشريعة، إنما هي الزحزحة التي زاولتها أجهزة مدربة قرونا طويلة، حتى انتهت مسألة الحكم بغير ما أنزل الله إلى هذه الصورة الباهتة.

 

وانفصلت أوامر الساحة والسوق عن أوامر المسجد، وظل الدين محبوسا في النفس وداخل المسجد، وحكم الطاغوت في بلاد المسلمين بغير ما أنزل الله، وتركهم يصلون صلاة لا روح فيها، لا تذكر بالله، ولا تزجر عن منكر، وهذا بلاء عظيم، وشر مستطير، ألا وهو قيام الحياة على غير التوحيد، وإن الذين يحكمون على عابد الوثن بالشرك، ولا يحكمون على المتحاكم إلى الطاغوت بالشرك، ويتحرجون من هذه، ولا يتحرجون من تلك، إن هؤلاء لا يقرؤون القرآن كما أنزل، ولا يفقهون نصوصه، ولا يدركون كلياته، فليقرؤوا القرآن فهو مملوء بتقرير ذلك كما قال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون”

 

وقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة التوبة ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون” وإن الخالق المالك الرازق هو الله وحده لا شريك له، وهو الحقيق بأن تكون له الربوبية والألوهية والعبودية بلا جدال، وأن يفرد سبحانه بتحكيم شرعه فيما خلق، وفيما رزق، وفيما أعطى، وفي كل شؤون الحياة، فالله وحده هو الذي له الحكم، إذا حرم الشيء فهو حرام، وإذا أحله فهو حلال، وإذا أمر فيجب أن يطاع أمره، وإذا نهى فيجب الكف عما نهى عنه، وهو سبحانه وحده المشرع للناس، كما أنه وحده المشرع للكون فقال تعالى كما جاء فى سورة الحج.

 

” فألهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين، الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمى الصلاة ومما رزقناهم ينفقون” وإن كفر مزاولة التشريع بالتحليل والتحريم ككفر الاعتقاد وإشراك أحد مع الله في العبادة كلاهما شرك، هذا شرك في العبادة، وذاك شرك في التشريع، وكلاهما من وحي الشيطان لا من وحي الرحمن، فكل من شرع للناس ما لم يأذن به الله من الشرك والبدع، وتحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله ونحو ذلك فهو مشرك، ومن أطاعه واتبعه فهو مشرك، فقال تعالى كما جاء فى سورة الكهف” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربة أحدا ” وقد أقام الله سبحانه الخلق بين الأمر والنهي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى