مقال

الدكروري يكتب عن بركة الشهيد

الدكروري يكتب عن بركة الشهيد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 20 مارس 2024

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما، ” وإنك لعلي خلق عظيم” إن بركة الشهيد لا تقتصر عليه، بل تتعداه إلى أهله وذويه وأقاربه، فيقول صلى الله عليه وسلم ” للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه” ولقد ذهب الشهداء إلى جنة، وإلى كرامة، وإلى رضوان من الله، وإلى مساكن طيبة، وإلى حور مقصورات في الخيام.

فأنتم أيها الشهداء إلى السعادة، وأنتم إلى الطمأنينة، وأنتم إلى حيث اللواذ بجلال الله تعالي وجماله، وأنتم تحت ظل عرش الله عز وجل يوم القيامة، وإذا تكلمنا عن الشهيد فإن هناك أنواع كثيرة من الشهداء ولكن من هو الشهيد الحق؟ ولماذا سُمي الشهيد شهيدا؟ فيقول الإمام النووي رحمه الله ” وأما سبب تسميته شهيدا فقال النضر بن شميل لأنه حي، فإن أرواحهم شهدت وحضرت دار الإسلام وأرواح غيرهم إنما تشهدها يوم القيامة” وقال ابن الأنباري “إن الله تعالى وملائكته عليهم الصلاة والسلام يشهدون له بالجنة، وقيل لأنه شهد عند خروج روحه ما أعده الله تعالى له من الثواب والكرامة، وقيل لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه، وقيل لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله، وقيل لأن عليه شاهدا بكونه شهيدا، وهو الدم.

وقيل لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة بإبلاغ الرسل الرسالة إليهم، وعلى هذا القول يشاركهم غيرهم في هذا الوصف” وإن بهذه الروح، الإيمان بالله الإيمان بالقدر، الإيمان بالجزاء الأخروي، الإيمان بالكتاب والسنة، بهذه الروح استطاع المسلمون أن يسودوا الدنيا قديما، وأن يحقوا الحق, ويبطلوا الباطل, ولو كره المجرمون، وأن الشهادة سبب في نيل الفردوس الأعلى، فقد جاء الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن أم الربيع بن البراء وهي أم حارثة بن سراقة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قُتل يوم بدر أصابه سهم غرب، حارثة رضي الله عنه شاب فتى صغير خرج مع الجيش يوم بدر وكان نظارا ويعني يشاهد المعركة من بعيد، ما دخل في القتال وإنما شهدها من بعيد، ثم نزل للشرب من البئر فأصابه سهم غرب.

يعني سهم طائش لا يدرى من راميه قد يكون من المسلمين أو من الكفار والله أعلم، وإن القصد أن أصابه سهم غرب فقتل، وهذا كلام أم حارثة تخبر النبي صلى الله عليه وسلم، قالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة وكان قُتل يوم بدر أصابه سهم غرب، فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال “يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى، رواه البخارى، فإن الشهادة اصطفاء من الله تعالى، ومقام لا يكون لأي مؤمن، وإنما يخص الله به نخبة من عباده المؤمنين، ولما أراد الله تعالى أن يشحذ همم العباد لطاعته وطاعة نبيه ذكرهم، بأن عاقبة ذلك أن يكونوا مع الشهداء، فإن الشهداء أصحاب الأجر الوفير، والنور التام المنير.

وكل ميت يعلم أن مآله إلى الجنة لا يمكن إذا خير بين البقاء في قبره والرجوع إلى أهله أن يختار الرجوع إلى الدنيا لما أعده الله له من واسع فضله وكبير نعمته، إلا الشهيد، إنه يتمنى أن يرجع لترتوي الأرض بدمائه مرة بعد مرة، إنه يتمنى أن تمزق أحشاؤه في سبيل دينه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى