مقال

نفحات إيمانية ومع أحياء عند ربهم يرزقون” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع أحياء عند ربهم يرزقون” جزء 3″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع أحياء عند ربهم يرزقون، وقال خباب بن الأرت هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله نبتغي وجه الله عز وجل، فوجب أجرنا على الله، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد فلم يوجد له شيء وفي رواية “ولم يترك” إلا نمرة، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه الإذخر” ومنها أن الصلاة عليهم تشرع ولا تجب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلى على شهداء أحد إلا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ومنها أيضا ألا نشهد له بقولنا فلان شهيد.

 

وإنما نقول نحسبه والله حسيبه، أو نقول من قتل في سبيل الله فهو شهيد، حيث قال البخاري في الصحيح في كتاب الجهاد والسير “باب لا يقول فلان شهيد” ثم أورد قول النبي صلى الله عليه وسلم “والله أعلم بمن يجاهد في سبيله” وكما قيل أن الشهداء على ثلاثة أقسام، فالأول هو شهيد في الدنيا، وهو الذي قاتل رياء، وهو يُعامل معاملة الشهيد في الدنيا ولا حظ له من أجر الشهداء من شيء في الآخرة، والثاني شهيد في الآخرة، وهم من ذكروا سوى شهيد المعركة، يعاملون في الدنيا معاملة سائر الأموات، وهم في الآخرة مع زمرة الشهداء، والثالث فهم شهداء الدارين، وهم من قتل في سبيل الله عز وجل، ولقد أكرم الله تعالى عباده الشهداء بأنواع من الكرامات.

 

وأن الله تعالى أنزل في شأن بعضهم قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، ولقد كان بعد معركة بدر كان الناس يقولون لمن يقتل في سبيل الله فلان قتل وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فأنزل الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة البقرة ” ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون” وقال الحسن رضى الله عنه إن الشهداء أحياء عند الله تعالى، تعرض أرزاقهم على أرواحهم، فيصل إليهم الروح والفرح كما تعرض النار على آل فرعون غدوة وعشية فيصل إليهم الوجع، ولقد كانت أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلك كما روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” ولوددت أني أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل”

 

فإنه الشوق للجنة، ذلك الذي جعل الصحابي خيثمة وابنه سعد رضي الله عنهما يتنافسان على الخروج إلى الجهاد في غزوة بدر، فقال خيثمة لابنه سعد إنه لا بد لأحدنا أن يقيم فآثرني بالخروج وأقم مع نسائك، فأبى سعد، وقال لو كان غير الجنة آثرتك به، إني لأرجو الشهادة في وجهي هذا فاستهما فخرج سهم سعد فخرج فقتل ببدر، وقد ربح هذه البيعة الصحابي الجليل حارثة بن سراقة رضي الله عنه، وكان قتل يوم بدر وقد أتت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء؟ فقال صلى الله عليه وسلم “يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى” رواه البخارى.

 

وقيل إن في الجنة مائة درجة أعدها الله تعالى للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومن راح روحة في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسكا يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان” رواه مسلم، وعندما تتعلق قلوبنا بالدنيا ومتاعها، وعندما نركن للدنيا حبا في الحياة وكراهية للموت، فإن الدنيا لا تساوي شيئا أمام الجهاد في سبيل الله، والاستشهاد في سبيله، قال صلى الله عليه وسلم “رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها” رواه البخارى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى