مقال

نفحات إيمانية ومع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد “جزء 5”

نفحات إيمانية ومع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الحديث المرسل والمتواتر والآحاد، أما المقبول فهو ما ترجح صدق المخبر به، وأنواعه أربعة، وهم صحيح لذاته، وحسن لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لغيره، فأما الصحيح لذاته فهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، والحسن لذاته هو ما اتصل سنده بنقل العدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة، والصحيح لغيره هو الحسن لذاته إذا روي من طريق آخر مثله، أو أقوى منه، وسمي صحيحا لغيره، لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت بانضمام غيره إليه، والحسن لغيره هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي ولا كذبه.

 

هذه هي الأقسام الأربعة كلها داخلة في الحديث المقبول الذي يحتج به، وإذا وصف الحديث في آن واحد بأنه حسن وصحيح كما يقول الترمذي غالبا، فمعنى ذلك كما قال ابن حجر وارتضاه السيوطي أنه إن كان للحديث إسنادان فأكثر، فالمعنى أنه حسن باعتبار إسناد وصحيح باعتبار إسناد آخر، وإن كان له إسناد واحد، فالمعنى حسن عند قوم صحيح عند قوم آخرين، وأما القسم الثاني من قسمي حديث الآحاد وهو المردود، فهو ما لم يترجح صدق المخبر به، لفقد شرط أو أكثر من شروط القبول التي مرت بنا في الكلام على الحديث المقبول بأنواعه الأربعة، وقد قسم العلماء المردود إلى أقسام كثيرة، وأطلقوا على كثير من تلك الأقسام أسماء خاصة بها.

 

ومنها ما لم يطلقوا عليها اسما خاصا بها، بل سموها باسم عام، وهو الضعيف، وهذا الاسم يعتبر هو الاسم العام لنوع الحديث المردود، وهو ما لم تتوفر فيه صفة الحسن التي هي أدنى درجات القبول، وأما عن الحديث الموضوع فهو المختلق المصنوع المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أقبح أنواع الضعيف، بل من العلماء من يعتبره قسما مستقلا وليس نوعا من أنواع الحديث الضعيف، وأما عن معنى السند في علم الحديث، وهو الطريق الموصلة إلى متن الحديث، أي رواة الحديث، وسمي “سند” لأن كل راوي يُسنده إلى راوى حتى ينتهي السند إلى التابعي أو الصحابي، ومثال عن السند وهو قول البخاري، حدثنا أبو اليمان.

 

أو أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث” وقد اعتنى المحدثون بطرق الأحاديث ورواتها، وذلك لتمييز الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود، فتتبعوا هذه الطرق، وما له طريق واحد، وما له أكثر من طريق، وما هو متصل بالرواة، وما فيه سقط وما في رواته ضعف، وما هو فوق ذلك ووضعوا لكل نوع اسما اصطلاحيا، فقسموا أخبار النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار نقلها إلينا وقلة عدد رواتها أو كثرتهم إلى قسمين، أخبار متواترة وأخبار آحاد.

 

فالتواتر لغة هو التتابع وهو مجيء الواحد بعد الآخر، وتقول تواتر المطر أي تتابع نزوله ومنه قوله تعالى فى سورة المؤمنون “ثم أرسلنا رسلنا تترا” وفي الاصطلاح هو ما رواه عدد كثير يستحيل في العادة اتفاقهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهاه ، وكان مستندهم الحس، ومن خلال هذا التعريف يتبين أن التواتر لا يتحقق في الحديث إلا بشروط أن يرويه عدد كثير بحيث يستحيل عادة أن يتفقوا على الكذب في هذا الحديث وقد اختلفت الأقوال في تقدير العدد الذي يحصل به التواتر ولكن الصحيح عدم تحديد عدد معين، وأن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند، وأن يعتمدوا في خبرهم على الحس وهو ما يدرك بالحواس الخمس من مشاهدة أو سماع أو لمس كقولهم سمعنا أو رأينا ونحو ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى