مقال

نفحات إيمانية ومع عظمة الحديث النبوى الشريف ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع عظمة الحديث النبوى الشريف ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع عظمة الحديث النبوى الشريف، وإن ردّ سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وتشريعاته ضلال وهلاك، فقال أيوب السختياني وهو أحد كبار الفقهاء “إذا حدثت الرجل بالسنة فقال دعنا من هذا، وحدثنا من القرآن، فاعلم أنه ضال مضل” فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع أحكاما وحرم أمورا لم تذكر في القرآن، وفصل أمورا نحن نطيعه فيها ولم تذكر في القرآن، والذي ينبغي على المسلم أن يعلمه ويعتقده هو أن السنة المشرفة هى وحي من الله عز وجل، وهي محفوظة كذلك بحفظ الله تعالى لأنه لا يتم حفظ القرآن إلا بحفظ السنة، فقال تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم فى سورة النجم ” وما ينطق عن الهوى، أن هو إلا وحى يوحى ”

 

وقال تعالى فى سورة النساء ” وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ” فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي بالتشريع من عنده، فما من عمل أوجبه، أو أمر به، فإنما هو من عند الله، وما من أمر حرمه، أو نهى عنه، فهو وحي من الله سبحانه وتعالى، فالسنة، هي الشارحة والمبينة للقرآن، وقد وكل الله تبارك وتعالى مهمة تفسير القرآن، وبيان تعاليم الإسلام، وتفصيل الأحكام إلى رسوله، فلولا السنة لم يعرف الناس عدد ركعات الصلاة، وصفاتها وشروطها، وما يجب فيها، ولولا السنة لم يعرفوا تفصيل أحكام الصيام، والزكاة، والحج، والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يعرفوا تفاصيل أحكام المعاملات.

 

من زواج وطلاق وبيوع، ولم يعرفوا المحرمات، وما أوجب الله فيها من الحدود والعقوبات، ولهذا أوجب الله تعالى طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقرنها بطاعته، فقال سبحانه وتعالى فى سورة النساء ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ” وجعلها من أسباب رحمته وهدايته، فقال تعالى فى سورة النور ” وإن تطيعوا وتهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين ” وقوله تعالى فى سورة آل عمران ” وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ” وقد حذر الله تعالى من معصيته ومخالفته صلى الله عليه وسلم، فقال الله جل ذكره فى سورة النور ” وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ” وقال سبحانه وتعالى فى سورة النور أيضا.

 

” فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ” أي بمعنى أن تصيبهم فتنة في قلوبهم من كفر، أو نفاق، أو بدعة، وقال الإمام أحمد رحمه الله “أتدري ما الفتنة؟ إن الفتنة هى الشرك، ولعل إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك” وقوله ” عذاب أليم ” أي في الدنيا، فمن موجبات عذاب الله تعالى في الدنيا هو مخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تأمرنا بطاعته، واتباع سنته، وتنهانا عن معصيته، ومخالفة هديه ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى” قالوا يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال “من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى” وقال صلى الله عليه وسلم “ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين”

 

ولقد بدى لنا مما تقدّم أن السنة النبوية الشريفه هى أصل من أصول الدين، وأنها المصدر الثاني للأحكام الشرعية، وأن العمل بها واجب لأنه طاعة لله ولرسوله، وأن تركها ومخالفتها ترك لكتاب الله، ورفض لما أمر به، وذلك ما يقضي به كتاب الله عز وجل، وهو ما اتفق عليه المسلمون وأجمعوا عليه، وجرى عليه العمل في عهده صلى الله عليه وسلم وفيما تلاه من عهود، وذلك ما لا ريب فيه بالنسبة إلى السنة جملة، وبالنسبة إلى ما تواتر منها إفرادا وتفصيلا، للقطع بصحة النسبة عندئذ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أما عند النظر إلى السنة إفرادا وتفصيلا، فإننا لا نقطع بصحة نسبة حديث معين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان متواترا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى