مقال

نفحات إيمانية ومع سماحة الرسول “جزء 5” 

نفحات إيمانية ومع سماحة الرسول “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع سماحة الرسول، وأما عن مشاعره صلى الله عليه وسلم الرقيقة الرقراقة عند الحزن، فقد كانت تدمع عيناه، ويبكي لفراق الأهل والأصحاب بكاء رحمة ورفق، لا بكاء ضجر وتسخط، فلما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه، وبكى رحمة له، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سيف القين، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبّله وشمّه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان،‏ فقال له الصحابى الجليل عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وأنت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” يا بن عوف، إنها رحمة”‏‏ ثم أتبعها بأخرى.

 

فقال صلى الله عليه وسلم “إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” ولقد ظهرت أسمى معالم الإنسانية في معاملته صلى الله عليه وسلم للأطفال، فقد كان صلى الله عليه وسلم يخفض لهم جناحه، ويفهم طبيعتهم السنية، فيداعبهم، ويلاطفهم، ويقبلهم، ويحتضنهم، ويصبر عليهم، ويكره أن يقطع عليهم مرحهم وسعادتهم، حتى ولو كان بين يدي الله تعالى، فعن عبدالله بن شداد، عن أبيه قال دُعي رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة، فخرج وهو حامل حسنا أو حسينا، فوضعه إلى جنبه، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطال فيها، قال إني قد رفعت رأسي من بين الناس، فإذا الغلام على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فأعدت رأسي فسجدت، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له القوم يا رسول الله، سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها، أفكان يُوحى إليك؟ قال “لا، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته” وكان صلى اللله عليه وسلم يُقبّل الأطفال ويمسح على رؤوسهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال “مَن لا يَرحم لا يُرحم” ومن روائع المواقف الإنسانية للنبى صلى الله عليه وسلم هو عندما مرت عليه جنازة رجل يهودي.

 

فعن قيس بن سعد، وسهل بن حنيف، كانا بالقادسية، فمرت بهما جنازة، فقاما، فقيل لهما إنها من أهل الأرض؟‏ فقالا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل إنه يهودي؟‏ فقال “أليست نفسا؟” رواه مسلم، وعن عروة بن الزبير، عن عائشة رضى الله عنهما أنها حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحُد؟ قال “لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيته منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردّوا عليك.

 

وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ، ثم قال يا محمد، إن الله سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا” رواه البخاري ومسلم، وأما الجانب الإنساني في حروبه، فقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق التعامل مع الأسرى بالرفق والرحمة واللين، وفي معركة بدر عندما أسر المسلمون سبعين رجلا من المشركين، عن نبيه بن وهب أخي بني عبدالدار، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه، وقال “استوصوا بالأسارى خيرا” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى