مقال

نفحات إيمانية ومع أبو الهيثم بن التيهان الأنصارى ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع أبو الهيثم بن التيهان الأنصارى ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أبو الهيثم بن التيهان الأنصارى، وكان ولدا أخته هما عبد الله ابن سهل وأخوه رافع بن سهل وأمهما هى الصعبة بِنت التيهان بن مالك وهى أخت أبي الهيثم بن التيهان، وقد شهدا أحدا راجلين، وجرحا وخرجا في اليوم الثاني في غزوة حمراء الأسد يحمل أحدهما الآخر، واستشهد عبد الله في غزوة الخندق رماه المشركون بسهم، وكان أَبو الهيثم وأخوه عبيد آخر وُلد عمرو بن جشم، وقد استشهد عبيد في غزوة احد واستشهد ولده الوحيد عبيد الله في اليمامة في حرب الردة وبذلك انقرضوا فلم يبق منهم أحد، وورثهما الضحاك بن خليفة الأشهلي، وعن أبو الهيثم بن التيهان قال، اجتمعت منا جماعة عند النبى صلى الله عليه وسلم، فقلنا يا رسول الله، إنا أهل سافلة، أهل عالية، نجلس هذه المجالس فيها فما تأمرنا؟

 

فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” أعطوا المجالس حقها” قلنا وما حقها؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” غضوا أبصاركم، وردوا السلام، وأرشدوا الأعمى، ومروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر” وهكذا فقد قدم الأنصار تضحيات كثيرة تماما كما توقع أبو الهيثم بن التيهان ليلة العقبة لدرجة أن أنس رفع يديه يوما مناجيا فقال ” يا رب سبعين من الأنصار يوم أحد، وسبعين يوم بئر معونة وسبعين يوم مؤتة، وسبعين يوم اليمامة ” وهكذا كانت الأنصار وحبهم للنبى صلى الله عليه وسلم، وكان منهم السيدة سهيلة بنت مسعود وهى زوجة الصحابى جابر بن عبد الله الأنصارى، وموقفها من وليمة أهل الخندق، وقد ذهب جابر إلى امرأته ودخل عليها يقول.

 

“ويحك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالمهاجرين والأنصار؟ وهنا المرأة لعلها أولا قالت “بك وبك” ثم استدركت، فقالت “هل سألك؟” هل سألك عن الطعام؟ قال “نعم” وهذا الحديث رواه البخاري، وفي رواية فلقيت من الحياء لما قال، قوموا فقام الناس، فقال جابر، فلقيت من الحياء ما لم يعلمه إلا الله، وأن الخجل أصابني من هذا العدد الكبير من الناس، وليس عندي ما يطعمهم، وقلت “جاء الخلق على صاع من شعير وعناق، فدخلت على امرأتي أقول، افتضحت” فضيحة”جاءك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجند أجمعين، فقالت هل كان سألك كم طعامك؟ فقلت نعم، فقالت الله ورسوله أعلم” ما دام أنه سألك ثم قال للجميع يأتوا، إذا الله ورسوله أعلم، المسألة فيها شيء، ونحن قد أخبرناه بما عندنا ” فكشفت عني غما شديدا”

 

وكان كلام المرأة، هو أنه فإذا أوصته أولا أن لا يعلمه بالصورة، فلما قال لها إنه جاء بالجميع، ظنت أنه لم يعلمه فخاصمته، وقالت “بك وبك!”، فلما أعلمها سكن ما عندها، ثم تحولت القضية إلى الإيمان، وقالت “سألك؟” ثم قالت “الله ورسوله أعلم” وهذا يدل على وفور عقلها، وكمال فضلها رضي الله عنها، وهذه سهيلة بنت مسعود الأنصارية، نسأل الله أن يحشرنا معها، وقد وقع لها قصة أخرى مع جابر بن عبد الله، فقد جاء في قصة التمر، أن جابر رضى الله عنه، أوصاها لما زارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا تكلمه، وكان على جابر دين عظيم تركه أبوه، والنبي صلى الله عليه وسلم، زاره لحل مشكلة هذا الدين، وجابر أوصى زوجته، إذا جاءنا النبي صلى الله عليه وسلم، لا تكلميه، ولا تتحدثي معه.

 

فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الانصراف نادته المرأة، يا رسول الله صلى علي وعلى زوجي؟ يعني ادع لي ولزوجي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى الله عليكى وعلى زوجك فعاتبها جابر بعد ذلك، فعاتب المرأة، كيف يقول لها لا تتكلمي وتكلمت؟ فقالت له أكنت تظن أن الله يورد رسوله صلى الله عليه وسلم بيتي، ثم يخرج ولا أسأله الدعاء؟ رواه أحمد، وكانت وليمة الخندق هى أن جابر رضى الله عنه رجع إليه فبين له، فأتاه فقال يا رسول الله إنما هي عناق وصاع من شعير؟ قال فارجع ولا تحركن شيئا من التنور، ولا من القدر إذا، في لحم في القدر، وخبز في التنور حتى أتيها، ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، بالصحابة الكرام معه أمرهم بالدخول، وقال صلى الله عليه وسلم “ولا تضاغطوا”

 

يعني لا تزدحموا يدخلوا برفق” ثم أخرج صلى الله عليه وسلم العجين، وتفل فيه صلى الله عليه وسلم ودعا بالبركة، ثم إلى البرمة كذلك ودعا بالبركة، وجعل يخمر البرمة، يعني يغطيها، ثم ينزع يأخذ اللحم من البرمة، وأمر بالخابزة أن تأتي لتخبز، وأمر صلى الله عليه وسلم بالغرف، وأقعدهم عشرة عشرة، فأكلوا، عشرة عشرة، عشرة عشرة، أكلوا عشرة وراء عشرة، يقول جابر بن عبد الله “وبقي بقية، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا” رواه البخاري، وفي راوية “فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين، ويعود التنور والقدر أملأ مما كانا” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى