مقال

نفحات إيمانية ومع المغيرة بن شعبة الثقفى ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع المغيرة بن شعبة الثقفى ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ومازال الحديث موصولا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع صحابى جليل من الصحابة الكرام، قد ولد في ثقيف بالطائف، وبها نشأ، وكان كثير الأسفار، وقد أسلم عام الخندق بعدما قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك وقد وفدوا معه على المقوقس في مصر، وأخذ أموالهم فغرم دياتهم عمه عروة بن مسعود الثقفى، ولقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم أبر الناس قلوبا، وأعمقهم علما، وأحسنهم خلقا وسوف نقترب من أولئك الرجال الأبرار، لنستقبل فيهم أروع نماذج البشرية ، ولنرى في سيرتهم اسمى ما عرفت البشرية من عظمة ونبل ورشاد، فنقترب منهم لنرى إيمانهم وثباتهم وبطولاتهم، وولاءهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ولنرى البذل الذي بذلوا والهول الذي احتملوا، والفوز الذي أحرزوا، ونرى الدور الجليل الذي نهضوا به لتحرير البشرية كلها من وثنية الضمير، وضياع المصير، حقا إنهم فتية آمنوا بربهم، فزادهم الله تعالى هدى وكان هذا الصحابى الجليل الذى سنعيش معه فى هذا المقال، رضي الله عنه ضخم القامة، وعبل الذراعين، بعيد ما بين المنكبين، أصهب الشعر جعده، وكان لا يفرقه، وقد أقام هذا الصحابى الجليل عند النبي صلى الله عليه وسلم وخرج معه في الحديبية، فبعثت قريش عروة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليفاوضه في الصلح وجعل يمس لحيته، وهذه الصحابى قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم مقنع في الحديد، فقال لعروة بن مسعود.

 

كف يدك قبل ألا ترجع إليك فقال من ذا يا محمد؟ ما أفظه وأغلظه، قال ابن أخيك، فقال يا غدر والله ما غسلت عني سوءتك إلا بالأمس، وقد شهد هذا الصحابى بيعة الرضوان والمشاهد بعدها، ولما قدم وفد ثقيف أنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم عنده، فأحسن ضيافتهم، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أبي سفيان بن حرب بعد إسلام أهل الطائف فهدما اللات، ولما دفن النبي صلى الله عليه وخرج علي من القبر الشريف ألقى هذا الصحابى خاتمه وقال يا أبا الحسن خاتمي، قال الإمام على بن أبى طالب له، انزل فخذه فقال هذا الصحابى، فمسحت يدي على الكفن فكنت آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان حين تولى أبو بكر الصديق الخلافة.

 

أرسله إلى أهل النجير، وهو حصن منيع باليمن لجأ إليه أهل الردة مع الأشعث بن قيس، ثم شهد هذا الصحابى اليمامة وفتوح الشام وفقئت عينه باليرموك، وكان هو رسول سعد بن أبي وقاص إلى رستم في القادسية، وقد استعمله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على البحرين فنفر منه أهلها فعزله عمر بن الخطاب، ثم خافوا أن يعيده إليهم، فجمعوا مائة ألف وأرسلوها مع دهقانهم إلى عمر بن الخطاب فقال له إن هذا الصحابى قد اختان هذا من مال الله، أي اختلسه، وأودعه عندي، فدعا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، هذا الصحابى فسأله؟ فقال كذب، أصلحك الله إنها كانت مائتي ألف، قال ما حملك على ذلك ؟ قال العيال والحاجة، فقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب للدهقان ما تقول؟

 

قال لا والله لأصدقنك ما دفع إلي قليلا ولا كثيرا، فقال عمر بن الخطاب للصحابى، ما أردت إلى هذا؟ قال كذب علي الخبيث فأحببت أن أخزيه، ثم ولي البصرة لعمر بن الخطاب رضى الله عنه، ثلاث سنوات، فقاد الجيش وهو والى عليها، وفتح بيسان ودست بيسان، وأبز قباذ ولقي العجم بالمرغاب فهزمهم، وفتح سوق الأهواز، وغزا نهر تيرى ومغاذر الكبرى، وفتح همذان ثم شهد نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرن، وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقتها، إن هلك النعمان فالأمير حذيفة فإن هلك فالأمير هو هذا الصحابى، وهو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، أبو عبد الله، من كبار الصحابة أولي الشجاعة والمكيدة والدهاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى