مقال

نفحات إيمانية ومع المسلمون وحضارة الإنسانية ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع المسلمون وحضارة الإنسانية ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع المسلمون وحضارة الإنسانية، وأما عن الحضارة الإسلامية في اللغة العربية فهي كلمة مشتقة من الفعل حضر، ويقال الحضارة هي تشييد القرى والأرياف والمنازل المسكونة، فهي خلاف البدو والبداوة والبادية، وتستخدم اللفظة في الدلالة على المجتمع المعقد الذي يعيش أكثر أفراده في المدن ويمارسون الزراعة، التعدين، التصنيع على مستوى مصغر، والتجارة، على خلاف المجتمعات البدوية ذات البنية القبلية التي تتنقل بطبيعتها وتعتاش بأساليب لا تربطها ببقعة جغرافية محددة، كالصيد مثلا، ويعتبر المجتمع الصناعي الحديث شكلا من اشكال الحضارة، وتعتبر لفظة حضارة مثيرة للجدل وقابلة للتأويل، واستخدامها يستحضر قيم سلبية أو ايجابية.

 

كالتفوق والإنسانية والرفعة، وفي الواقع رأى ويرى العديد من أفراد الحضارات المختلفة أنفسهم على أنهم متفوقون ومتميزون عن أفراد الحضارات الأخرى، ويعتبرون أفراد الحضارات الأخرى همجيين ودونيين، ولقد ساعد التسامح الديني في الإسلام بخلق شبكة متعددة من الثقافات حيث تم جذب المثقفين المسلمين والمسيحيين واليهود مما أتاح وجود أعظم فترة من الإبداع الفلسفي في العصور الوسطى وذلك في الفترة من القرن الثامن وحتى الثالث عشر ميلادي، وأيضا فإن هناك سبب آخر لازدهار العالم الإسلامي في هذه الفترة وهو تركيز الحضارة الإسلامية على حرية الكلام، ويمكن بيان هذا من خلال النص التالي المأخوذ من رسالة أرسلها الهاشمي وهو قريب للخليفة المأمون إلى أحد خصومه الدينيين.

 

وحيث كان الهاشمي يحاول هديه إلى الإسلام من خلال المنطق “قم بإحضار جميع الحجج التي تريدها وقل كل ما تتمنى أن تقوله وبكل حرية، وبما أنك الآن تملك الأمان والحرية في قول ما تريده، فأرجو منك تعيين محكم والذي سيتدخل بشكل موضوعي بيني وبينك ليحكم بيننا بحيث يقوم بالحكم بناء على الحقيقة فقط كما يتعين عليه أن لا يحكم العاطفة، كما يجب أن يكون منطقيا، حيث أن الله يجعلنا مسؤولين عن مكافأتنا أو عقوبتنا، لقد قمت هنا بالتعامل معك بأسلوب عادل وكما أعطيتك الأمان حيث أنني جاهز لقبول أي قرار منطقي يعطى لصالحي أو ضد صالحي، وحيث أنه “لا إكراه في الدين” وكما أنني قمت بدعوتك حتى تقبل إيماننا عن طواعية واتفاق منك ومن خلال تبييني لسوء معتقدك الحالي” والسلام عليكم ورحمة الله”

 

ومن الممكن تعريف الحضارة على أنها الفنون والتقاليد والميراث الثقافي والتاريخي ومقدار التقدم العلمي والتقني الذي تمتع به شعب معين في حقبة من التاريخ، وإن الحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات والتقاليد وأسلوب المعيشة والملابس والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية ومقدرة الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون والآداب والعلوم، وكانت بداية الدولة العربية الإسلامية على يدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بوضع وثيقة المدينة والتي ألغت كثيرا من العادات القبلية لصالح دولة حضارية، وتوسعت بعد ذلك في فترة الدولة الأموية والعباسية حتى بلغت في العصر الأموي الدولة الأموية أكبر دولة في التاريخ الإسلامي.

 

من حدود الصين وبورما شرقا وأراكان المسلمة والهند وباكستان الشرقية شرقا وحتى حدود فرنسا وإسبانيا الأندلس غربا وفي عصر الدولة العثمانية توسعت الأراضي إلى أوروبا واليونان وبعد سقوط الدولة العثمانية بدأ التوسع الأوربي في البلاد الإسلامية، ولقد أدى الالتزام الأخلاقي بأساليب تحري الصدق في التراث الديني المنقول إلى تشكل وتطور المنهجية الإسلامية، وكان لوضع ضوابط التفكير وإلى الاحتكام إلى العقل، الفائدة الجمة عندما اتجهت أنظار مفكري وعلماء المسلمين إلى العلوم العقلية والطبيعية، وكان أيضا التزامهم بالبدء بما انتهى إليه الأولون، وبما اصطلحنا عليه في قواعد المنهج العلمي بمسح التراث أو الأدبيات الخاصة بمجالات المعرفة أو الدراسات السابقة وهى إحدى مراحل الممارسة المنهجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى