مقال

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع الهوية الإسلامية ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الهوية الإسلامية، وتشمل الهوية على أنواع منها الهوية الفردية، وهي الهوية التي توضح ماهية الإنسان ومن هو، وتشمل عدة عوامل، كالرقم الوطني، وبصمات الأصابع، وجواز السفر، وشهادة الميلاد، والتاريخ الشخصي، والأصدقاء، والعائلة، والعلاقات، وأيضا الهوية الاجتماعية وهي غير اختيارية لأنها تلتزم بمفهوم الأدوار الاجتماعية وطرق التصرف المفروضة على فئة محددة، كالأطفال، وهناك أيضا الهوية الجماعية، وهي الهوية التي تتشاركها المجموعات الاجتماعية، وأيضا الهويات المتعددة، حيث يجادل علماء الاجتماع أن الهوية أعقد مما سبق، وذلك لأنها تتأثر بعدة عوامل ترتبط بالقضايا الاجتماعية المحيطة.

 

كالطبقة الاجتماعية، والجنس، والعِرق، والعمر، والجنسية، وغير ذلك، وإن الهوية الوطنية من الأشياء التي ما إن تمسك الفرد سواء أكان داخل وطنه أو خارجه فسوف يؤدي إلى عوامل إيجابية كثيرة، ومنها التقدم والرقي ورفعة الوطن والحفاظ عليه من أي خطر سواء أكان في الداخل، كحدوث الفتن الطائفية بين الشعب الواحد أو التعرض لانتهاك في القوانين الخاصة بالدولة، وبالتالي انتشار الفوضى داخل الدولة وغيرها من المخاطر، كما أن المخاطر الخارجية لا تتمثل فقط في الحرب مع الأعداء، بل إنه قد يؤدي إلى إضرار بالأمن العام الخاص بالدولة والذي قد يتأثر من المخاطر الخارجية، والتي كثيرا ما نرى تلك الأمور تحدث في الوقت الحالي.

 

من انتهاكات لمحارم الدول والتعدي على حدودها وقوانينها، ومن هذا يمكننا القول بأن الاحتفاظ بالهوية الوطنية يدعم كثيرا الدولة ويعلي من شأنها ومن شأن اقتصادها وأمنها وسلامتها، كما أنه يحدث تطور كبير في مختلف المجالات التي تتدخل في إطار الدولة كمجالات التعليم والعمل على تطوير النوابغ والأفكار البناءة والمتميزين فهذا الأمر سوف يجعلنا نواكب التطور الحادث في العالم دون أن يكون هناك أي تأخير أو تخلف عن ركب الدول المتقدمة وكل تلك الأمور لا تأتي من فراغ بل تأتي من التمسك بالهوية الوطنية والحفاظ عليها، ومن المعروف أن السلف الصالح رضوان الله عليهم لما انفتحوا على حضارات ما قبل الإسلام، أخذوا منها النافع المفيد.

 

وتركوا ما يتعلق بعقائدهم، ووثنياتهم، وفلسفاتهم الجدلية العقيمة، التي لا نفع يُرجى من ورائها، ولقد اجتهدوا في أخذ ما يتعلق بالعلوم المادية من طب، ورياضيات، وفلك، وكيمياء وذلك سيرا على منهج القرآن في الأمر بالنظر في الأشياء، فقال تعالى فى سورة يونس ” قل انظروا ماذا فى السموات والأرض” ولقد ظل الأمر على ذلك حتى أواخر العصر الأموي، وأوائل العصر العباسي، ثم بدأت تتوارد على العقل المسلم الفلسفة الهندية، والفلسفة اليونانية، ولما كان الكثير من الطوائف المجوسية واليهودية والنصرانية قد دخلت في الإسلام، وكان الكثير يتظاهر بالإسلام، ويبطن دينه، فقد بدأ كل هؤلاء ينشرون بين المسلمين ما يشككهم في عقائدهم.

 

وكانت فرقة المعتزلة قد ظهرت، وبدأت تنهج النهج العقلاني في الرد على هذه الفرق، ومن ثم رأوا أنه لا بد من دراسة الفلسفة اليونانية، حتى يتمكنوا من الرد عليها، ولما طمّ سيل الإلحاد والزندقة في العصر العباسي، ووجد الخلفاء العباسيون أثَر المعتزلة في مواجهة هذه الطوائف، وقوة تفنيدهم لحجج الزندقة، فقد قاموا بتشجيعهم، بل لقد وصل الأمر بالمأمون أنه كان يعد نفسه من علماء المعتزلة، وكان ينهج نهجهم في هذا الاتجاه العقلاني، الذي جعلوا العقل فيه أساس بحثهم، بل وحكموه في كل شيء، حتى أوّلوا النص، كي يتفق مع العقل، بل يمكننا أن نقول لقد وصلوا إلى درجة تقديس العقل، ولا يستطيع أحد أن ينكر فضل المعتزلة في دفاعهم عن الإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى