مقال

خالد بن عبد الله القسري “جزء 3”

خالد بن عبد الله القسري “جزء 3”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع خالد بن عبد الله القسري، وعندما كان خالد القسري أميرا لمكة المكرمة صفح باب الكعبة والميزاب والأساطين بثلاثين ألف دينار وقد سيرها إليه الوليد بن عبد الملك وقيل إن باب الكوفة الذي على سور مدينة بغداد هو من عمل خالد بن عبد الله القسري البجلي، وقد نقله أبو جعفر المنصور من الكوفة إلى مدينة بغداد أيام الدولة العباسية، وقد خطب خالد البجلي بواسط، فقال ” إن أكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، وأعظم الناس عفوا من عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل عن قطيعة، وخطب خالد بواسط فقال يا أيها الناس، تنافسوا في المكارم، وسارعوا في المغانم، واشتروا الحمد بالجود، ولا تكتسبوا بالمطل ذما، ولا تعتدوا بمعروف لم تعجلوه، ومهما يكن لأحد منكم نعمة عند أحد لم يبلغ شكرها.

 

فالله أحسن له جزاء وأجزل عطاء، واعلموا أن حوائج الناس إليكم نعم فلا تملوها فتحور نقما ” وقال خالد القسرى ” فإن أفضل المال ما أكسب أجرا وأورث ذكرا، ولو رأيتم المعروف رأيتموه رجلا حسنا جميلا، يسر الناظرين، ويفوق العالمين، ولو رأيتم البخل رأيتموه رجلا مشوها قبيحا تنفر منه القلوب وتغض دونه الأبصار، إنه من جاد ساد، ومن بخل رذل وأكرم الناس من أعطى من لا يرجوه، ومن عفا عن قدرة، وأوصل الناس من وصل من قطعه، ومن لم يطب حرثه لم يزك نبته، والفروع عند مغارسها تنمو، وبأصولها تسمو ” وقد كتب خالد إلى أبان بن الوليد البجلي، وكان قد ولاه المبارك بلدة بسواد العراق، أما بعد ” فإن بالرعية من الحاجة إلى ولاتها مثل الذي بالولاة من الحاجة إلى رعيتها وإنما هم من الوالي بمنزلة جسده من رأسه.

 

وهو منهم بمنزلة رأسه من جسده، فأحسن إلى رعيتك بالرفق بهم، وإلى نفسك بالإحسان إليها ولا يكونن هم إلى صلاحهم أسرع منك إليه ” ولا عن فسادهم أدفع منك عنه، ولا يحملك فضل القدرة على شدة السطوة بمن قل ذنبه، ورجوت مراجعته ولا تطلب منهم إلا مثل الذي تبذل لهم، واتق الله في العدل عليهم والإحسان إليهم ويقول الله تعالى “إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون” وأصرم فيما علمت، واكتب إلينا فيما جهلت يأتك أمرنا في ذلك إن شاء الله والسلام ” وقيل إن خالدا كان يقول لا يحتجب الوالي إلا لثلاث خصال إما عيي فهو يكره أن يطلع الناس على عيه، وإما صاحب سوء فهو يتستر، وإما بخيل يكره أن يسأل، وقد قال الأصمعي كان خالد بن عبد الله يقول على المنبر ” إني لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب من تمر وسويق”

 

وقال الوليد بن نوح مولى لأم حبيبة بنت أبي سفيان، رضى الله عنها، سمعت خالد بن عبد الله القسري على المنبر يقول” إني لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب من تمر وسويق ” وأم حبيبه هى أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان الأموية القرشية الكنانية، وهى صحابية من المهاجرين والسابقين الأولين وزوجة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان من إخوانها الصحابي يزيد بن أبي سفيان، والصحابي والخليفة معاوية بن أبي سفيان، وقيل أنه كان خالد بن عبد الله البجلي يكثر الجلوس ثم يدعو بالبدر ويقول ” إنما هذه الأموال ودائع لابد من تفريقها ” فقال ذلك مرة وعنده شقيقه أسد بن عبد الله الذي أتى من خراسان، فقال له أيها الأمير، إن الودائع إنما تجمع لا تفرق، فقال خالد ويحك إنها ودائع للمكارم، وأيدينا وكلاؤها.

 

فإذا أتانا المملق فأغنيناه، والظمآن فأرويناه، فقد أدينا فيها الأمانة، وقد قال الأصمعي أن أعرابيا قال لخالد القسري” أصلح الله الأمير لم أصن وجهي عن مسألتك، فصن وجهك عن ردي، وضعني من معروفك حيث وضعتك من رجائي ” فأمر له خالد بما سأل، وقيل دخل أعرابي على خالد البجلي ومعه جراب فقال أصلح الله الأمير، أيأمر لي بملأ جرابي دقيقا، فقال خالد املؤوه دراهم، فخرج على الناس، فقيل له ما صنعت في حاجتك ؟ فقال سألت الأمير ما أشتهي فأمر لي بما يشتهي، وقد قيل أن خالد بن عبد الله القسري لما أحكم جسر دجلة واستقام له نهر المبارك، أنشأ عطايا كثيرة، وأذن للناس إذنا عاما، فدخلت عليه أعرابية قسرية وهى من بنو قسر، فأنشأت فيه شعرا تقول إليك يا بن السادة المواجد، يعمد في الحاجات كل عامد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى