مقال

النت والعبادة ” جزء 2″

النت والعبادة ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع النت والعبادة، ومن المآسي التي جلبتها هذه الأجهزة والبرامج أنها قرّبت الرجال من النساء، والشباب من الفتيات، فأوقعت في كثير من البيوت الريب والشكوك، وأودت بكثير من الأزواج والزوجات إلى عتبة الطلاق، بعد الخصام والشقاق، ولا يخفى على متابع ما وصلت إليه أعداد حالات الطلاق، وارتفاع نسبتها ارتفاعا مخيفا بعد ثورة التواصل الاجتماعي وكم من فتاة لا تعرف للشر طريقا، ولا للخنا سبيلا، غرر بها بهذه الأجهزة والبرامج فكم سهّلت تلك الأجهزة والبرامج من خلوة بين ذكر وأنثى، فتباسطا بالحديث، وارتفعت الكلفة بينهما، وسهرا الليالي على أوهام، وعاشا مدة طويلة في أحلام، وكثيرا ما يضحك عليها بجميل الكلام، فتصدقه الضعيفة وتبعث إليه صورها، فيستغلها في ابتزازها، ويهددها في عرضها.

 

وكم في البيوت من مآسى لا يعلمها إلا الله تعالى، فنسأل الله عز وجل أن يحفظ نساءنا ونساء المسلمين من كل مكروه وسوء، فيا أيها الأب الكريم، إن أولادك مرآة يعكسون أخلاقك وأعمالك، فإن رأوك تعظم الله وتخافه عظموا الله عز وجل، إن رأوك تخشى الله وتتقيه خشوا الله واتقوه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوك ذا محافظة على الصلوات الخمس فى أوقاتها، إن رأوك على هذه الصفة تأسوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك معظما لأبيك وأمك فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوى التقى والصلاح بعيدا عن أهل الإجرام والإفساد نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن رأوا منك كلمات طيبة وألفاظا حسنة كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السباب واللعان والقبح والفحش فى الأقوال سمعت منهم مثل ذلك وأشد، فيا أيها الأب الكريم.

 

لا بد من عظة للأبناء ونصيحة لهم، ورسم الطريق الصالح ليسلكوه، وأن الأب ليس مجرد صندوق مالي يحصل من خلاله الأبناء على الأموال اللازمة لشراء احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية، فالرجل لا يقتصر دوره على توفير النفقات فقط، وإنما يظل هو القدوة والنموذج الذي يحتذى فى البيت والحياة عموما، لذلك فهو له دور كبير في تنشئة وتوجيه الأبناء وإرشادهم، خاصة فى مراحل حياتهم الأولى، وأن عاطفة الأبوة ضرورية وإن اختلفت طبيعة العاطفة بين الطرفين الأب والأم بحكم التكوين الجسدى والنفسى للرجل الذي غالبا مايكون عقلانيا في التعامل مع أبنائه أكثر من المرأة التي تسيطر عليها العاطفة، وأن ما يشاع من أن تربية الأبناء تقع على عاتق الأم فقط اعتقاد خاطئ، فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين، وتربية الأبناء ليست مهمة الأمهات.

 

فحضور الآباء مهم جدا في حياة أبنائهم من كافة النواحي، خاصة فيما يتعلق بتنشئتهم الاجتماعية، وأنه يغفل الكثير من الآباء عن تخصيص وقت مناسب لقضائه مع أبنائهم وينشغلوا بأهميته جلب المال إلى الأهل والأبناء، ولكن هناك دور مهم يجب الحفاظ عليه وهو الإسهام في التنشئة النفسية والعاطفية للصغار، مما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح والإبداع في حياتهم الشخصية والعملية، ومما أفرزته تلك الوسائل بما فيها من سيل عارم من المعلومات والمعارف والصور والمقاطع، تأثيرها على عقليات الشباب والفتيات، فغلب عليهم التمرد والتفرد، والانعزالية والانطواء، وتثاقلوا الجلوس مع الأسرة، والتسخط من كل شيء، حتى أصبح إرضاء الوالدين لأولادهم من المهمات العسرة جدا، رغم ما يغمرونهم به من المال والهدايا وانتشرت أخلاق ليست سوية.

 

وممارسات غير مرضية، يفرغونها في نكت سامجة تشعل الحروب بين الذكر والأنثى، أو بين الطالب والمعلم، أو بين مشجعي فريقين، أو نحو ذلك، ولا يقع حدث إلا وازدحمت مواقع التواصل ووسائله بمقاطع ساخرة، أو تعليقات لاذعة، وقعها على أصحابها أشد من وقع السياط الحارة ومن المُحزن أن ترى أحدهم خالدا إلى فراشه، مُتعبا يغالبه النوم، وقد تكاسل عن كثير من السنن التي قبل النوم من شدة تعبه، ولكنه يطل طلة على جهازه قبل النوم، فيرى محادثة فيرد على صاحبها، وتظل المحادثة حتى منتصف الليل أو بزوغ الفجر ولم يشعر بتعبه ونومه، فأمضى معها الساعات، وقد بخل على ربه بركعات، وعلى نفسه بدعوات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى