مقال

مشروعية الوضوء والطهارة “جزء 5” 

مشروعية الوضوء والطهارة “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع مشروعية الوضوء والطهارة، وأما قول من قال إن المراد به مس المرأة، كما هو عن ابن مسعود رضى الله عنه، ويعني مسها باليد، فهذا مرجوح، والله عز وجل، يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة كما في قوله عز وجل “ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد” وقال هنا “أو لامستم النساء” فالمراد به هنا الجماع، وهكذا قراءة من قرأ “أو لامستم من قبل أن تمسوهن” في طلاق غير المدخول بها، فالمراد بكله الجماع، وهذا هو الصواب وهو الحق إن شاء الله، وهناك من يقول إن مثلا تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يقاس عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، يستطيع أن يمسك نفسه وألا يقع فيما يقع فيه العامة الآن؟ ويرد ابن باز رحمه الله، هنا قائلا ليس بشيء، هذا القول ليس بشيء.

 

وهو المشرع لنا، وهو القدوة عليه الصلاة والسلام، ولما قيل له في مثل هذا قال “إني أخشاكم لله وأتقاكم له” عليه الصلاة والسلام، لما سأله سائل قال له يا رسول الله، قد غفر الله لك، في مسائل عديدة، قال “إني أخشاكم لله وأتقاكم له” عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه القدوة والأسوة في كل شيء عليه الصلاة والسلام، إلا ما دل ما قام الدليل على أنه خاص به عليه الصلاة والسلام، وفى النهايه فى هذا الموضوع نقول أن فقد اختلف العلماء في انتقاض وضوء من لمس امرأة بدون شهوة، فذهب الأحناف إلى أن اللمس لا ينقض مطلقا، وقد قال ابن نجيم في “البحر الرائق” مس بشرة المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان بشهوة أو لا، وقد وذهب المالكية إلى أن اللمس ينقض بشروط.

 

وقد لخصها صاحب “منح الجليل” شرح مختصر خليل الشيخ عليش، ومفاد ما قاله أن لمس المتوضئ البالغ لشخص يلتذ بمثله عادة ذكرا كان أو أنثى، لا ينقض الوضوء إلا إذا قصد التلذذ بلمسه وإن لم يجد لذة عند لمسه، وكذا ينقض إذا وجد لذة عند لمسه ولو لم يقصد التلذذ بلمسه، فإن لم يقصد ولم تحصل له لذة، فلا نقض ولو وجدها بعد اللمس، ومذهب الشافعية ذكره النووي في المجموع، ونصه ما يلي “إذا التقت بشرتا رجل وامرأة أجنبية تشتهى، انتقض وضوء اللامس منهما، سواء كان اللامس الرجل أو المرأة، وسواء كان اللمس بشهوة أم لا، تعقبه لذة أم لا، وسواء قصد ذلك أم حصل سهوا أو اتفاقا، وسواء استدام اللمس أم فارق بمجرد التقاء البشرتين، وسواء لمس بعضو من أعضاء الطهارة أم بغيره”

 

وسواء كان الملموس أو الملموس به صحيحا أم أشل، زائدا أم أصليا، فكل ذلك ينقض الوضوء عندنا، وفي كله خلاف للسلف، وخلاصته أنه إذا لمس الذكر البالغ أنثى تشتهى بالضوابط المذكورة انتقض وضوؤه، وأما مذهب الحنابلة، فلا ينقض عندهم وضوء اللامس إلا بشرطين وهما أن يكون بلا حائل، وأن يكون بشهوة، قال المرداوي في “الإنصاف” الخامس ويعني من نواقض الوضوء، أن تمس بشرته بشرة أنثى لشهوة، وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، واختار ابن تيمية أن اللمس لا ينقض مطلقا، كما ذكر صاحب “الإنصاف” عنه، ودليل من قال بأن اللمس بدون شهوة لا ينقض الوضوء ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة على الفراش الذي ينامان عليه “.

 

وفي مسند الإمام أحمد وتقول السيده عائشه، فإذا أراد أن يسجد غمز، يعني رجلي، فضممتها إلي ثم يسجد، وصححه الأرناؤوط، وقد ابن قدامة في “المغني” ولو كان ناقضا للوضوء لم يفعله، وأيضا ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة قالت ” فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، إلى آخر الحديث، والظاهر أن مسها كان بغير حائل، وهو يدل على أن اللمس غير ناقض للوضوء ما لم تصحبه شهوة، وأما دليل من قال بأن اللمس ينقض الوضوء مطلقا وهم الشافعية، فهو عموم قوله تعالى “أو لامستم من قبل أن تمسوهن” وحقيقة الملامسة ملاقاة البشرتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى