مقال

السرقة والمجتمع ” جزء 10″ 

السرقة والمجتمع ” جزء 10″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع السرقة والمجتمع، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها “حسنت توبتها، وتزوجت” يعني يوجد مكان للتائب في المجتمع الإسلامي، وتزوجت فكان هناك من يتزوجها، وكانت تأتي بعد ذلك إلي، تأتي بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلا بد من إقامة الحد إذا وصل إلى الحاكم، يتعافى الناس الحدود بينهم، ويسامح بعضهم بعضا، ويتنازل بعضهم لبعض قبل أن تصل إلى القضية، قبل أن تصل إلى الشرع، لكن إذا وصلت إلى الشرع حد السرقة لا بد من تنفيذه ولذلك جاء في سنن النسائي عن صفوان بن أمية “أنه طاف بالبيت وصلى، ثم لف رداءا له من برد، فوضعه تحت رأسه، فنام فأتاه لص فاستله من تحت رأسه، فأخذه، فأتى به النبي صلي الله عليه وسلم فقال إن هذا سرق ردائي، قبض عليه وجاء به.

 

فقال له النبي صلي الله عليه وسلم أسرقت رداء هذا؟قال نعم، قال اذهبا به، فاقطعا يده، قال صفوان ما كنت أريد أن تقطع يده في ردائي، فقال له فلو ما قبل هذا” وفي قصة عند أحمد “أن النبي صلي الله عليه وسلم أتاه رجل بشخص، فقال هذا سرق خميصة لي، فأمر بقطعه، فقلت يا رسول الله، فإني قد وهبتها له، قال فهلا قبل أن تأتيني به” فإذا جاء ووصل الأمر إلى القاضي لا تقبل الشفاعات، ولا الواسطات، الشفاعة في الحدود جريمة عظيمة، ولكن الذين إذا أسقطوا الحد يسقط في الشرع كأولياء القتيل إذا سامحوا في حقهم سقط، أما السرقة إذا وصلت إلى الحاكم لا تقبل فيها شفاعة، فقد يستسهل بعض ضعاف النفوس حال ضاقت عليه أرزاقه مد يده على المال الحرام، واللجوء لسرقة ما يملكه غيره، مبررا لنفسه اضطراره للسرقة نتيجة ظروفه الاقتصادية التي يمر بها.

 

وحاجة أولاده المعلقين في رقبته للطعام والشراب والتعليم، وكم من شخص تصادفه عينك في وسائل المواصلات والطرقات، وهو يسرق، من مال غيره، وحينما يتم ضبطه يسارع إلى البكاء، وتبرير سرقته بأنه لا يجد عملا يعينه على احتياجات أبنائه المعلقين في رقبته، فضلا عن الادعاء بأنه من أصحاب الشهادات العليا، ليستعطف قلوب الناس من أن يفكوا أسره بعد أن تم ضبطه بسرقته، وليبشر المسروق منه بأنه سيأخذ من حسنات السارق يوم القيامة، أو يؤخذ من سيئاته فتطرح على السارق، والنبي الكريم صلي الله عليه وسلم أخبر أنه ما من مسلم يغرس غرساً إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له صدقةكما جاء في الحديث عنه صلي الله عليه وسلم في هذا بيان أن المسروق منه ماله لا يضيع عند الله، عرف السارق، أو لم يعرف.

 

وإن الحدود كفارة لأهلها إذا أقيم الحد في الدنيا كان كفارة لصاحبه، وقد ذكر النبي صلي الله عليه وسلم المبلغ والمقدار الذي تقطع فيه يد السارق، فقال تقطع اليد في ربع دينار فصاعداًربع دينار، تصور ربع دينار الدينار أربعة وربع غرامات من الذهب، تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا، وأجمع المسلمون على وجوب قطع يد السارق في الجملة، وتكلم العلماء رحمهم الله تعالى في الحرز وشروطه، ومعنى المال المحفوظ، وقضية الدكاكين والخزائن والبيوت، وما الذي يكون حرزا مما لا يكون، وانتفاء الشبهة، وقضية درء الحد بالشبهة ولذلك إذا سرق من مال ابنه، أو سرق من مال أبيه، أو سرق من مال زوجته، فهذه شبهات تدرأ الحد، أما سرقة الأقارب من بعضهم تقطع عند جمهور العلماء، إذا سرق من أخيه، من أخته، من عمه، من عمته، من خاله من خالته، من زوج أمه.

 

من زوجته بعد الطلاق والفراق، فهو سارق تقطع يده، وقد تكلم العلماء في الشهادة، وكيفية إثباتها، وصفة العملية، ومن شروطه أن يطالب المسروق منه بالمال، فلو لم يطالب لم يجب القطع إلا أن تكون جريمة عامة في حق عامة المسلمين، فإذا تكاملت الشروط قطعت اليد اليمنى من مفصل الكف، مفصل الكف هنا الكوع، هذا الكوع مفصل الكف، تقطع اليد منه لأنها آلة السرقة، فعوقبت اليد بإعدامها لأنها آلة السرقة، ويعمل ما يحسم الدم، ويندمل به الجرح، وإن الشريعة قد قصدت قطعها وإزالتها، وليس أن تقطع ثم تعاد، ثم تقطع، ثم إذا سرق المرة الثانية تقطع الرجل اليسرى، واليد اليمنى، والرجل اليمنى إذا توالت السرقات في كل مرة، تقطع، ويقطع طرف من الأطراف، وكذلك فإن السرقة من الأموال العامة مصيبة عظيمة لأنها سرقة من جميع المسلمين، إذا سرق من المال العام، وأخذ من المال العام من بيت المال سرق من جميع المسلمين العقوبة عظيمة عند الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى