مقال

الأسباط عليهم السلام ” جزء 8″

الأسباط عليهم السلام ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع الأسباط عليهم السلام، فقد وجد عالم التاريخ تيودور بارفيت، أن قضية فقدان الأسباط هي قصة أسطورية خرافية، وهذا النوع من الخرافات، موضوع أساسي اعتمد خلال حقبة الاستعمار الأوروبي الطويلة الممتدة من القرن الخامس عشر الميلادي وحتى نهايات القرن العشرين ومن ناحيته، قال زفي بن دور أن الافتنان بفكرة الأسباط أنتجت العديد من الأدب الخيالي والقومي، كما قام سالفا ويل بتوثيق العديد من القبائل المختلفة من حول العالم التي نسبت أنفسها للأسباط، ومن ناحية أخرى، استنتج البروفيسور أمتول كارمايكل أن نتائج المعلوماتية الجينية الحديثة تدل أن بعض الأقوام التي استوطنت الشرق لها جذور من منطقة الشرق الأوسط التي تعود هجرتها إلى قرون عديدة سابقة والتي لها ارتبطات بالعرق اليهودي.

 

لذلك نجد بعض الدلائل العلمية التي تشير إلى جدية انتشار أسباط بني إسرائيل، وقد دحضت بعض الدراسات في علوم الحمض الجيني أي ارتباط بين اليهود المعاصرين ومن ادعوا أنهم منحدرين من الأسباط المفقودة، وبحسب التوراة أنه قد ولد للنبي يعقوب الذي سمي بإسرائيل اثني عشر ولدا هم آباء كل القبائل الإسرائيلية والأبناء الإثني عشر هم النبي يوسف وبنيامين وأمهما راحيل بنت لابان وهي ابنة خال يعقوب، وروبين وهو أكبر أبنائه ويهوذا ولاوي وشمعون وزبولون وياساكر وبنتا واحدة اسمها دينا وأمهم هى ليئة بنت لابان وهي أخت راحيل وابنة خال يعقوب، ودان ونفتالي وأمهما هى بيلها وجاد وعشير وأمهما هى زيلفا، وبعد ذلك قام يعقوب بترفيع إفرايم ومنسى، ولدي النبي يوسف عليه السلام من زوجته المصرية، إلى مرتبة آباء عشيرة بدلا من سبط.

 

والدهم يوسف، وفي أيام يشوع، قسمت أرض إسرائيل بين القبائل الإثني عشر إلا قبيلة اللاويين التي لم تحصل على أرض إنما أنيط بها أن تكون عشيرة الكهنة، وبالتالي مُنحوا ثمانية وأربعون مدينة، وكانت ستة من هذه المدن استوطنها إسرائيليون من مختلف القبائل إلا أن اللاويين كان حكامها، واستبدلت قبيلتا اللاويين واليوسفيين بقبيلتي إفرايم ومنسى، وبقي توزيع أرض إسرائيل على الأسباط الإثني عشر، ومن أهم الأسس التوراتية التي اعتمدت لدعم فكرة فقدان عشرة أسباط موجودة في سفر الملوك الثاني حيث يسرد أنه في السنة التاسعة لهوشع أخذ ملك آشور السامرة وسبى إسرائيل إلى آشور وأسكنهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي، وقد ذكر في سفر الملوك الثاني عن المسبيين إلى آشور أنهم بقوا على طرقهم من دون اعتناق التوحيد.

 

أو أي عقيدة يهودية أخرى، والجدير ذكره أن التوراة لم تشير إلى الأسباط المفقودة بالاسم ولا بآي شكل مباشر، وقد قيل عن أبناء يعقوب عليهم السلام إنهم كانوا حين فعلوا بنبى الله يوسف ما فعلوه صغار الأسنان، ولهذا لم يميزوا يوسف حين اجتمعوا به، ولهذا قالوا أرسله معنا غدا يرتع ويلعب” وإن ثبتت لهم نبوة، فبعد هذا الفعل، وأن لا شك أن الأنبياء عليهم السلام معصومون عن الكبائر والصغائر، وكل ما يشين المروءة قبل وبعد البعثة، وأن سائر ما صدر منهم لا يخرج إما أن يكون بسبب نسيان أوخطأ في اجتهاد، ولا يقرون على خطأ ولا نسيان أبدا، أما فيما يتعلق بإخوة يوسف عليه السلام، فالذي يظهر والله أعلم أن القول بنبوتهم له حظ من النظر، وتدل عليه اللغة، ولا يبعد كثيرا عن الحقيقة، وذلك لأن كلمة الأسباط تشمل الأحفاد المباشرين.

 

بالأولى والأحرى وتشمل ذراريهم، وأن من قال من المفسرين أن المراد بالأسباط الأحفاد فمن العسير تخطئته، وقال ابن منظور رحمه الله في مادة سبط، قال أبو العباس رضى الله عنهما سألت ابن الأعرابي ما معنى السبط في كلام العرب؟ قال السبط، والسبطان، والأسباط خاصة الأولاد، والمصاص منهم، وقيل السبط واحد الأسباط وهو ولد الولد، ابن سيده السبط ولد الابن والابنة، وفي الحديث أن الحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل الأسباط خاصة الأولاد، وقيل أولاد الأولاد، إلى أن قال والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب، وهم الذين يرجعون إلى أب واحد، سمي سبطا ليفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق، وأن إخوة يوسف فعلوا الذي فعلوا مع يوسف وهم صغار، غير مدركين، بدليل أنهم عندما اجتمعوا بنبى الله يوسف.

 

لم يعرفوه، وأن الدافع لهم على ذلك فرط غيرتهم من يوسف لتميزه عليهم، وأن كون الله سبحانه وتعالى لم يذكر شيئا من أمرهم ولا رسوله صلى الله عليه وسلم لا ينفي نبوتهم، لأن الرسل كثر، منهم من سمى الله، ومنهم من لم يسم فقال تعالى “منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك” وأيضا قولهم عندما اتهموا بسرقة صواع الملك “لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين” وإن الآية تدل على أنهم من المصلحين، ولا يبعد أن يكونوا من النبيين، وكذلك ندمهم على ما صدر منهم، وطلبهم من نبى الله يوسف وأبيهم أن يستغفروا لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى