مقال

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 8″

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع المرأة في زمن الجاهلية والإسلام، وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، يتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ويتودد إليها بذلك، فقالت السيدة عائشة “سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعدما حملت اللحم فسبقني، فقال “هذه بتلك” ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، فكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، ويضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء فدخل منزله.

 

يسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم” وقد لخص أحد السلف فضل المرأة ومكانتها في جميع مراحل عمرها بقوله ما رأيت كالأنثى فضلا فإنها تدخل أباها الجنة طفلة، وتكمل نصف دين زوجها شابة، والجنة تحت قدميها أما” ولذلك من رزق بهن كن سترا له من النار وسبيلا له إلى الجنة، وفي ذلك يقول النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ” من ابتلي من البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار” متفق عليه، ويقول الإمام الشافعي رحمه الله “البنون نعم، والبنات حسنات، والله عز وجل يحاسب على النِعم، ويجازي على الحسنات” ولذلك كانوا يقدمون التهنئة لمن رزق ببنت، فقد كتب أحد الأدباء رسالة إلى صديق له يهنئه بالبنت يقول “أهلا وسهلا بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار.

 

والأولاد الأطهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون ونجباء يتلاحقون” ولقد كانت المرأة في الجاهلية محرومة من حقها من الميراث وليس هذا فحسب بل كانت كالمتاع ، تورث كما يورث، وجاء الإسلام فقضى على أكبر ظلامة من ظلامات الجاهلية للمرأة ، وهو حرمانها من الميراث، وقد بنى الإسلام توزيع الأنصبة على الورثة على قاعدة عادلة “للذكر مثل حظ الأنثيين” وهو عادل في ذلك ومنصف كل الإنصاف، فهو يلزم الرجل في مقابل ذلك بأعباء، وواجبات مالية ، لا تلزم بمثلها المرأة، فالرجل يتزوج ويدفع المهر، ويؤثث البيت ويعد السكن، والمرأة تتزوج ويدفع لها المهر، ويؤثث لها البيت ويعد السكن والرجل يتزوج فيعول امرأة وهي زوجته وأولادا، فقد وضع الإسلام في اعتباره تلك الأعباء.

 

والتكاليف والالتزامات التي كلف بها الرجل حين أعطاه ضعف نصيب الأنثى في الميراث، ولو دققنا النظر في مقدار ما يخسره الرجل من المال، للقيام بتلك الأعباء والتكاليف لعرفنا أن الإسلام كان كريما متسامحا مع المرأة حين طرح عنها كل تلك الأعباء وألقاها على كاهل الرجل ثم أعطاها نصف ما يأخذ والمرأة بهذا التشريع الكريم ربحت من جانبين، وهو أن قرر الإسلام لها حقا في الميراث ولم يكن لها شيء من ذلك في الجاهلية، وأن الإسلام قدر لها هذا الحق بنصف نصيب الذكر، مع طرح كافة الأعباء والالتزامات المالية عنها، ومن هنا يظهر مقدار تكريم الإسلام لها، وتقديره إياها وفضله عليها، وهكذا فإن المرأة نصف الأمة، بل هي بمنزلة القلب منها، فإذا صلحت صلحت الأمة، وإذا فسدت فسدت الأمة.

 

وقد أدرك هذا العلماء فقالوا إنك إن علمت فتاة علمت أسرة، ويكفى أنها تحمل مسؤولية كبيرة في تربية شباب المستقبل، ورجالات الأمة، فهي المحضن الخصب الذي يخرج منه إلى الحياة أولئك الأبطالن وإن للأم دورا كبيرا في رعاية الأولاد منذ ولادتهم وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وما أجمل عبارة “إن وراء كل رجل عظيم امرأة أعظم” وكما قيل “الرجال لا يولدون بل يُصنعون” وإن إهمال تربية الأبناء جريمة يترتب عليها أوخم العواقبن وقيل أنه سرق رجل مالا كثيرا، وقدم للحد فطلب أمه، ولما جاءت دعاها ليقبلها، ثم عضها عضة شديدة، فقيل له ما حملك على ما صنعت؟ قال سرقت بيضة وأنا صغير، فشجعتني وأقرتني على الجريمة حتى أفضت بي إلى ما أنا عليه الآن، فإن صلاح أولادنا هو أن نغرس فيهم منهج نبينا الحبيب صلي الله عليه وسلم في جميع شئون الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى