مقال

عصمة الدنيا والدين شجرة الدر ” جزء 6″

عصمة الدنيا والدين شجرة الدر ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس مع عصمة الدنيا والدين شجرة الدر، وكانت كلها ألقاب حاولت أن تأخذ بها شرعيه للحكم، بوصفها زوجة السلطان وأم إبن السلطان والإتنين كانوا في ذلك الوقت متوفيين، وكان بعد ما دفع الملك لويس التاسع المأسور جزء من الديه اللى تم وضعها عليه بسبب الخساير التي سببها لمصر فقد وعد بإنه سوف يقوم بدفع الباقي وبعد ذلك قد سمحت له شجرة الدر بمغادرة مصر وأنقذت حياته فسلم مدينة دمياط وسافر على عكا في اليوم الثامن من شهر مايو من عام ألف ومائتان وخمسن للميلاد، ومعه أخوه وإثني عشر ألف أسير كان عدد كبير منهم تم أسرهم في معارك قديمة، وقيل أن شجر الدر وأيبك نقلوا جثمان الملك الصالح أيوب من قلعة جزيرة الروضه، والتي وضعته بها شجرة الدر فى السر وقت الحملة الصليبية السابعه.

 

لتربته فى القبه التى بنتها له شجرة الدر بجوار المدارس الصالحيه فى منطقة بين القصرين فى القاهره، و كما تم عمل مراسم دفن له والصلاة عليه وكان ذلك بمشاركة أيبك والملك الأشرف موسى والمماليك البحريه، وتم عمل عزاء له لمدة ثلاثة أيام، وهكذا كان بعد زواج شجرة الدر بالسلطان نجم الدين، كان هو من أطلق عليها لقبها هذا، وقد ملكت قلبه وعقله، وعُرف عنها أنها كانت صاحبة رأي ومشورة عنده، وقد وقفت شجرة الدر مع زوجها السلطان نجم الدين في جميع الظروف والمواقف، خصوصا بعد أن عيّن والده أخاه وليا للعهد بدلا منه، فساعدت زوجها كثيرا كي يصل إلى حقه، وعندما وقع في الأسر بقيت تبث الطمأنينة في نفسه، وتمنحه التفاؤل، وحتى عندما مات أظهرت ذكاء ودهاء كبيرا في توليها المهمام بعد زوجها.

 

حيث أخفت خبر وفاة زوجها منعا لحدوث البلبلة في صفوف الجيش، ونادت بالولاء لابن زوجها تورانشاه، وكانت تضع الخطط الحربية وتنظم الصفوف وتشرف على التنفيذ بنفسها، وتوالت العديد من الأحداث التي أدت إلى مقتل تورانشاه بسبب طغيانه في الحكم، فتولت شجرة الدر عرش مصر بعد موافقة الجميع، على الرغم من أن هذه حالة نادرة في التاريخ الإسلامي، وكان ذلك بإجماع من المماليك وبرغبتهم المتوافقة مع رغبة شجرة الدر أيضا، حيث أعلنوا جميعا بأن شجرة الدر حاكمة لمصر، وكان بعد مقتل تورانشاه بأيام، وتحديدا في أوائل شهر صفر من عام ستمائة وثمانية وأربعين من الهجرة، ولم تكن شجرة الدر بعيدة عن الحكم حتى في حياة زوجها، بل كانت ممارسة له بطريق غير مباشرة، إذ كانت تدير شؤون الدولة.

 

في غياب زوجها أثناء الغزوات، كما كان ملمّة إلماما تاما بأحوال المملكة، وتعرف بحاجات الناس، ونالت الرفعة والعز الكبيرين الذي لم تنله امرأة قبلها، كما كان خطها شبيها بخط الملك الصالح، لذلك كانت تعلم على التواقيع الخاصة به، وبعد أن أصبحت ملكة مصر ضُربت السكة باسمها، وخُطب لها على المنابر، واتخذت من عز الدين أيبك الصالحي الذي كان وزير زوجها وزيرا لها، وكانت تعرف بعلامتها على المراسيم باسم “أم خليل” أما على السكة فتعرف بالمستعصمية الصالحية وسمّت نفسها بذلك كي تنال رضا الخلفاء العباسيين، كما عُرفت باسم ملكة المسلمين ووالدة الملك المنصور خليل أمير المؤمنين، وكانت فترة استقرار حكمها ثمانين يوما فقط، ثم ما لبث أن خرجت الشام عليها، فما كان منها إلا أن تزوجت بوزيرها عز الدين.

 

وتنازلت له عن الحكم كي تحمي نفسها، مع احتفاظها بالسيطرة عليه، وطلبت منه قبل أن يتزوجها تطليق زوجته الأولى، ولقب وقتها باسم الملك المعز، لكنه أراد فيما بعد أن يتزوج عليها وينقلها إلى مكان آخر منعا من خوض الجدال معها، فاشتعل قلبها غيرة، وأمرت الخدم بقتله فشنقوه في الحمام، وأعلن عن موته بشكل مفاجئ، فلم يصدق المقربون منه هذه الرواية، وتوجهت أصابع الاتهام إلى شجرة الدر، وكذلك فإنه لا يعرف كثير من الناس كيف ماتت شجرة الدر، خصوصا أن هناك روايتين مختلفتين لحادثة وفاتها، أما فيما يتعلق بالرواية الأولى لموتها، فقد كان ذلك بعد حاثة قتلها لزوجها الملك المعز، إذ قام الأمراء المناصرين له بالقبض عليها كي ينتقموا منها، وفرضوا عليها المكوث في سجن منفرد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى