مقال

حارثة بن النعمان الخزرجي ” جزء 2″

حارثة بن النعمان الخزرجي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع حارثة بن النعمان الخزرجي، وقد ﺷﻬﺪ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻐﺰﻭﺍﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ الله عليه وسلم، ﻭﻳﻮﻡ ﺑﺪﺭ ﻗﺎﺗﻞ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ، ﻭﺧﺎﺽ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺑﺒﺴﺎﻟﺔ ﻭﻓﺪﺍﺀ ﻭﻗﻮﺓ ﻭﺛﺒﺎﺕ، ﻭﺍﻧﻘﺾ ﻋﻠﻰ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺷﻤﺲ ﻓﺄﺳﺮﻩ، ﻭﻟﻤﺎ ﺑﻌﺜﺖ ﻗﺮﻳﺶ ﻓﻲ ﻓﺪﺍﺀﺍﻷﺳﺮﻯ ﺃﺭﺳﻞ ﺟﺒﻴﺮ ﺑﻦ ﻣﻄﻌﻢ ﻓﻲ ﻓﺪﺍﺀ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﻔﺎﺯ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺑﺎﻷﺟﺮ ﻭﺍﻟﻔﺪﺍﺀ، ﻭﻓﻲ ﺣﻨﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺣﺎﻃﻮﺍ ﺑﺮﺳﻮﻝ الله صلي الله عليه وسلم ﺧﻮﻓﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻣﻜﺮﻭﻩ، ﻭﺍﺳﺘﻤﺮ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺭﺣﻠﺔ ﺟﻬﺎﺩﻩ ﻭﻛﻔﺎﺣﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ، ﻭﻟﻦ ﻳﻨﺴﻰﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻣﻮﻗﻔﻪ ﻟﻤﺎ ﺣﻮﺻﺮ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ “إﻥ ﺷﺌﺖ ﻗﺎﺗﻠﻨﺎ ﺩﻭﻧﻚ‏” وﻋﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ.

 

ﻗﺎﻝ “ﻣﺮﺭﺕﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻣﻌﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺟﺎﻟﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻋﺪ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺭﺟﻞ ﻓﺴﻠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﺃﺟﺰﺕ، ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺟﻌﺖ ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ “ﻫﻞ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻲ؟ ” ﻗﻠﺖ ﻧﻌﻢ ﻗﺎﻝ “ﻓﺈﻧﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻭﻗﺪ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﺴﻼﻡ”‏ وﻋﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ﻗﺎﻝ “ﺭﺃﻳﺖ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻫﺮ ﻣﺮﺗﻴﻦ” ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺼﻮﺭﺗﻴﻦ “ﻣﻮﺿﻊ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ بالبقيع” ﺣﻴﻦ ﺧﺮﺝ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ إﻟﻰ ﺑﻨﻲ ﻗﺮﻳﻈﺔ، ﻣﺮ ﺑﻨﺎ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺩﺣﻴﺔ “فكان جبريل عليه السلام يأتي على صورة دحية الكلبي الأنصاري وهو من صحابه النبي صلى الله عليه وسلم ، ﻓﺄﻣﺮﻧﺎ ﺑﻠﺒﺲ ﺍﻟﺴﻼﺡ، ﻭﻳﻮﻡ ﻣﻮضع ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﺰ ﺣﻴﻦ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﺣﻨﻴﻦ، ﻣﺮﺭﺕ ﻭﻫﻮ ﻳﻜﻠﻢ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻠﻢ ﺃسلم، ﻓﻘﺎﻝ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ؟ ﻗﺎﻝ “ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺑﻦﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ”

 

ﻓﻘﺎﻝ ﺃﻣﺎ ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ ﻳﻮﻡ ﺣﻨﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻜﻔﻞ الله ﺑﺄﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻟﻮ ﺳﻠﻢ ﻟﺮﺩﺩﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ‏” فيا له من شرف ووسام من أوسمة الشرف والمكانة وضع على صدر حارثة رضي الله عنه يوم سلم عليه أمين السماء عليه السلام، ليذكر اسمه عند الرحيم الرحمن، ويا لها من سعادة غمرت قلب حارثة رضي الله عنه، وقيل أن حارثة كف، فجعل خيطا من مصلاه إلى حجرته ووضع عنده مكتلا فيه تمر وغيره فكان إذا سلم مسكين، أعطاه منه، ثم أخذ على الخيط حتى يأتي إلى باب الحجرة، فيناول المسكين فيقول أهله نحن نكفيك، فيقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “مناولة المسكين تقي ميتة السوء، وﻣﺎﺕ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺧﻼﻓﺔ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ أﻥ ﻣﻸ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺮﺍ ﻭﻋﻠﻤﺎ ﻭﺑﺬﻻ ﻭﻋﻄﺎﺀ، وإن هنالك كثير من الكلام في بيان شخصية الصحابة الكرام.

 

والحديث عنهم لا تكفيه هذه السطور، فإن تحدثنا عن خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانظروا إلي المعاملة الطيبة الحسنة، فلقد تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الخدم خير معاملة، فكان يقابل الإحسان بالإحسان والثناء، أما في حال الوقوع بالخطأ منهم فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليّنا رفيقا معهم، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها قالت “ما ضرب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، خادما، ولا امرأة قط ” ويروي أنس بن مالك رضي الله عنه، فيقول ” خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أف قط، وما قال لي لشيء لم أفعله، ألا كنت فعلته؟ ولا لشيء فعلته، لِمَ فعلته” وكان صلى الله عليه وسلم، يوصي أصحابه بالإحسان إلى الخدم، والعفو عنهم، وعدم الإساءة لأي منهم.

 

وقد ساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين الخادم والأخ، فقال صلى الله عليه وسلم ” إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت ايديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى