مقال

حارثه بن النعمان الخزرجي ” جزء 1″

حارثه بن النعمان الخزرجي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

الصحابي الجليل حارثة بن النعمان بن نفع بن زيد بن عبيد بن مالك بن النجار الخزرجي النجاري، إنه الرجل الذي رد عليه جبريل السلام، وإنه الرجل الذي سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته في الجنة وهو يقرأ القرآن، وإنه الرجل الذي تكفل الله برزقه في الجنان، وإنه الرجل الذي ضرب القدوة والأسوة في البر والإحسان، وإن بر الوالدين من الأعمال الصالحة التي يتقرّب بها العبد إلى الله عز وجل كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار، والقصة في الصحيحين، وفيها فقال واحد منهم اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما، أي يضعفا.

 

فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء، وفي سير الصحابة الكثير والكثير، من الإعجاز والقدوة، وسيرتنا هنا عن حارثة بن النعمان، وهو ﺍلصحابي ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﺍﻟﺴﻼﻡ، وﺍﻟﺬﻱ ﺳﻤﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺻﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، وﺗﻜﻔﻞ الله ﺑﺮﺯﻗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ، وكل هذا لأنه ﺿﺮﺏ ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﻭﺍﻷﺳﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ بأمه، وكان حاﺭﺛﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﻧﻔﻊ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺑﻦﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﺍﻟﺨﺰﺭﺟﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭﻱ، ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺭﺍﻓﻊ، ﺑﺪﻝ ﺍﺑﻦ ﻧﻔﻊ، وكان له ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻟﺪ، ﻋﺒﺪ الله ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻭﺳﻮﺩﺓ، ﻭﻋﻤﺮﺓ ﻭﺃﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ، ﻭﻳﻜﻨﻰ ﺃﺑﺎ ﻋﺒﺪ الله، وﻟﻘﺪ أﺳﻠﻢ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺃﻭﻝ ﺳﻔﺮﺍﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ المنورة الصحابي الجليل.

 

ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﺭﺿﻲ اللهﻋﻨﻪ، ﻭﺃﺳﻠﻤﺖ ﺃﻣﻪ ﺟﻌﺪﺓ ﺑﻨﺖ ﻋﺒﻴﺪ ﻭﺃﺳﻠﻤﺖ ﻛﺬﻟﻚ أﺳﺮﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ، وﻛﺎﻥ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻪ ﻣﻤﻦ ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻮﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍلله ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﻫﺠﺮﺗﻪ إﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻓﺮﺣﺘﻪ ﻟﻤﺎ ﻧﺰﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍلله ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺃﺑﻰ ﺃﻳﻮﺏ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭﻱ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﻨﺠﺎﺭ ﻓﻀﻤﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍلله ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺘﺮﺩﺩ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻴﻘﺘﺒﺲ ﻣﻦ ﻫﺪﻳﻪ ﻭأﺧﻼﻗﻪ ﻭﻋﻠﻤﻪ، ويتمنى من كل قلبه أن يفدي الحبيب بنفسه وبماله وبكل ما يملك، وكان حارثة ممن يتسابقون إلى بذل أموالهم كبذل أنفسهم في سبيل الله فكان ممن سجلوا أعظم المواقف في الجود والكرم مع النبي صلى الله عليه وسلم وأسرته وﻣﻦ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ.

 

ﺃﻧﻪ ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺃﻥالإمام علي بن أبي طالب ﺗﺰﻭﺝ من السيدة ﻓﺎﻃﻤﺔ الزهراء ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍللهﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺮﻙ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﻌﻠﻲ ﻭﻓﺎﻃﻤﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻟﺘﻘﺮ ﻋﻴﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍلله ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻘﺮﺑﻬﻤﺎ، وكذﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺗﺰﻭﺝ النبي ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ من السيدة ﺻﻔﻴﺔ ﺑﻨﺖ ﺣﻴﻲ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻧﺰﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺪ أﻥ ﺗﺤﻮﻝ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﻣﻨﺰﻟﻪ، وﻗﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﻗﺪﻱ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﻗﺮﺏ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ الكريم محمد ﺻﻠﻰ الله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻜﺎﻥ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﺣﺪﺙ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻫﻼ ﺗﺤﻮﻝ له، أي تركه للنبي صلى الله عليه وسلم ورحل لغيره ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻪ ﻋﻦ ﻣﻨﺰله، ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﺤﻴﻴﺖ ﻣﻦ ﺣﺎﺭﺛﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﻨﺎﺯﻟﻪ ”

 

وﻋﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ ﺍللهﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ” ﻧﻤﺖ ﻓﺮﺃﻳﺘﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﺴﻤﻌﺖ ﺻﻮﺕ ﻗﺎﺭﻯﺀ ﻳﻘﺮﺃ، ﻓﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ؟ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻬﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍلله ﺻﻠﻲ ﺍلله ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ “ﻛﺬﺍﻙ ﺍﻟﺒﺮ، ﻛﺬﺍﻙ ﺍﻟﺒﺮ” ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺑﺮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺄﻣﻪ‏، ﻭﻗﺎﻟﺖ السيده عائشه ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻬﺎ ‏ﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼﻥ ﻣﻦﺃﺻﺤﺎﺏ النبي ﺃﺑﺮ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﺔ ﺑﺄﻣﻬﻤﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺑﻦ ﻋﻔﺎﻥ، ﻭﺣﺎﺭﺛﺔ ﺑﻦ ﺍﻟﻨﻌﻤﺎﻥ ﺭﺿﻲ ﺍلله ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﺃﻣﺎ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺎﻝ ﻣﺎ ﻗﺪﺭﺕ ﺃﺗﺄﻣﻞ ﻭﺟﻪ ﺃﻣﻲ ﻣﻨﺬ ﺃﺳﻠﻤﺖ، ﻭﺃﻣﺎ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﻄﻌﻤﻬﺎ ﺑﻴﺪﻩ، ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻔﻬﻤﻬﺎ ﻛﻼﻣﺎ ﻗﻂ ﺗﺄﻣﺮ ﺑﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺄﻝ ﻣَﻦ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﺎﺫﺍ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻣﻲ؟‏ وقد ﺷﻬﺪ ﺣﺎﺭﺛﺔ ﺭﺿﻲ الله ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻭﺍﻟﻐﺰﻭﺍﺕ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ الله ﺻﻠﻰ الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى