مقال

بطل ملحمة جلجامش ” جزء 1″

بطل ملحمة جلجامش ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

جلجامش، وهو ملك تاريخي لدولة الوركاء السومرية، وبطل مهم في ميثيولوجيا بلاد الرافدين القديمة وهو بطل ملحمة جلجامش، وهي قصيدة ملحمية كتبت بالأكدية خلال أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد، وقد أصبح جلجامش شخصية هامة في الأساطير السومرية خلال وجود سلالة أور الثالثة وقد رُويت حكايات عن مآثر جلجامش البطولية في خمس قصائد سومرية ناجية، وكان جلجامش يساعد الإلهة إنانا ويطرد المخلوقات التي تزعج شجرتها الحلبو، وتعطيه إنانا شيئين غير معروفين يطلق عليهما ميكو وبيكو، لكن جلجامش يضيعهما، وبعد موت إنكيدو، يخبر طيفه جلجامش عن الظروف الكئيبة في العالم السفلي، وتصف قصيدة جلجامش وأغا ثورة جلجامش ضد سيده الأعلى الملك أغا، وتروي قصائد سومرية أخرى هزيمة جلجامش للوحش خومبابا وثور السماء.

 

وتصف قصيدة خامسة مشوهة جدا موت جلجامش وجنازته، فكان جلجامش هو ملك أورك، الوركاء الذي كانت والدته إله خالدا ووالده بشرا فانيا ولهذا قيل بأن ثلثيه إله والثلث الباقي بشر، وبسبب الجزء الفاني منه يبدأ بإدراك حقيقة أنه لن يكون خالدا، وتجعل الملحمة جلجامش ملكا غير محبوب من قبل سكان أورك حيث تنسب له ممارسات سيئة منها ممارسة تسخير الناس في بناء سور ضخم حول أورك العظيمة، وقد ابتهل سكان أورك للآلهة بأن تجد لهم مخرجا من ظلم جلجامش فاستجابت الآلهة وقامت إحدى الإلهات، واسمها أرورو، بخلق رجل من الطين وحي كان الشعر الكثيف يغطي جسده ويعيش في البرية يأكل الأعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات، أي أنه كان على النقيض تماما من شخصية جلجامش، ويرى بعض المحللين.

 

أن هناك رموزا إلى الصراع بين المدنية وحياة المدن الذي بدأ السومريون بالتعود عليه تدريجيا بعد أن غادروا حياة البساطة والزراعة المتمثلة في شخصية أنكيدو، وكان أنكيدو يخلص الحيوانات من مصيدة الصيادين الذين كانوا يقتاتون على الصيد، فقام الصيادون برفع شكواهم إلى الملك جلجامش، فأمر إحدى خادمات المعبد بالذهاب ومحاولة إغراء أنكيدو ليمارس الجنس معها وبهذا تبتعد الحيوانات عن مصاحبة أنكيدو ويصبح أنكيدو مروضا ومدنيا، وقد حالف النجاح خطة الملك جلجامش، وبدأت خادمة المعبد وكان اسمها شمخات، وتعمل خادمة في معبد الآلهة عشتار بتعليم أنكيدو الحياة المدنية ككيفية الأكل واللبس وشرب النبيذ، ثم تبدأ بإخبار أنكيدو عن قوة جلجامش وكيف أنه يدخل بالعروسات قبل أزواجهن ولما عرف أنكيدو بهذا قرر.

 

أن يتحدى جلجامش في مصارعة ليجبره على ترك تلك العادة، ويتصارع الاثنان بشراسة فهما متقاربان في القوة، ولكن الغلبة في النهاية كانت لجلجامش، حيث اعترف أنكيدو بقوة جلجامش، وبعد هذه الحادثة يصبح الاثنان صديقين حميمين، ويحاول جلجامش دائما القيام بأعمال عظيمة ليبقى اسمه خالدا فيقرر في يوم من الأيام الذهاب إلى غابة من أشجار الأرز فيقطع جميع أشجارها، وليحقق هذا عليه القضاء على حارس الغابة، وهو مخلوق ضخم وقبيح اسمه خومبابا، ومن الجدير بالذكر أن غابة الأرز كان المكان الذي تعيش فيه الآلهة ويعتقد أن المكان المقصود هو غابات أرز لبنان، ويبدأ جلجامش وأنكيدو رحلتهما نحو غابات أشجار الأرز بعد حصولهما على مباركة شمش إله الشمس الذي كان أيضا إله الحكمة عند البابليين والسومريين .

 

وهو نفس الإله الذي نشاهده في مسلة حمورابي المشهورة وهو يناول الشرائع إلى الملك حمورابي، وأثناء الرحلة يرى جلجامش سلسلة من الكوابيس والأحلام لكن أنكيدو الذي كان في قرارة نفسه متخوفا من فكرة قتل حارس الغابة يطمأن جلجامش بصورة مستمرة على أن أحلامه تحمل معاني النصر والغلبة، وعند وصولهما الغابة يبدآن بقطع أشجارها فيقترب منهما حارس الغابة خومبابا ويبدأ قتال عنيف ولكن الغلبة تكون لجلجامش وأنكيدو حيث يقع خومبابا على الأرض ويبدأ بالتوسل منهما كي لا يقتلاه ولكن توسله لم يكن مجديا حيث أجهز الاثنان على خومبابا وأردياه قتيلا، وأثار قتل حارس الغابة غضب إلهة الماء أنليل حيث كانت أنليل هي الآلهة التي أناطت مسؤولية حراسة الغابة بخومبابا، وبعد مصرع حارس الغابة الذي كان يعتبر وحشا مخيفا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى