مقال

معركة ذات السلاسل “جزء 1”

معركة ذات السلاسل “جزء 1”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الجهاد في سبيل الله تعالى من أفضل ما تقرب به المتقربون الى الله عز وجل، وتنافس فيه المتنافسون، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من إعلاء كلمة الله، ونصر دينه سبحانه وتعالى، ونصر عباده المؤمنين، وقمع الظالمين والمنافقين الذين يصدون الناس عن سبيله، ويقفون في طريقه، ولما يترتب عليه أيضا من إخراج العباد من ظلمات الشرك إلى أنوار التوحيد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، وغير ذلك من المصالح التي تخص المؤمنين، وتعم الخلائق أجمعين، فكانت معركة ذات السلاسل، أولى المعارك التي دارت بين الخلفاء الراشدين والدولة الساسانية الفارسية، ودارت المعركة في الكويت، فى منطقة كاظمة بعد فترة وجيزة من حروب الردة في شرق الجزيرة العربية التي كانت قد أصبحت تحت حكم الخليفة الراشد.

 

أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكانت أيضا أولى معارك الخلفاء الراشدين والتي سعى فيها جيش المسلمين لتوسيع حدود دولتهم، وكانت السلاسل تستعمل من قبل جيش الفرس لربط الجنود في المعركة وكانت تستخدم لربط ثلاثة أو خمسة أو حتى عشرة جنود، ليس خشية من هروب الجنود من المعركة، بل كانت بمثابة مصدر قوة لإظهار الشجاعة والتأكيد على رغبة الجنود في الموت في ميدان المعركة أكثر من رغبتهم في طلب النجاة والفرار وقد كانت السلاسل تقلل إمكانية اختراق صفوفهم وكان لدى السلاسل سيئة رئيسة، وهي أنها تصبح قيدا على الجنود عندما يكونون مقيدين بزملائهم الصرعى، ومن هنا جاء اسم المعركة والتي تعرف أيضا بموقعة السلاسل، فبعد أن انتهى الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه، من القضاء على حركة الردة.

 

التي وقعت بأرض العرب، قرر أن يتفرغ للمهمة الأكبر وهى نشر الدين الإسلامي بعد أن مهد الجبهة الداخلية، وقضى على هذه الفتنة، وكان أبو بكر يفكر في الجبهة المقترحة لبداية الحملات الجهادية، وكانت الدولة الإسلامية تقع بين فكي أقوى دولتين في العالم وقتها، دولة الفرس المجوسية من ناحية الشرق بأرض العراق وإيران، ودولة الروم الصليبية من ناحية الشمال بأرض الشام والجزيرة، وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه يفضل الجبهة الشامية على الجبهة العراقية، ولكنه فضل البدء بدولة الفرس لقوتها وشدة بأسها، وأيضا لكفرها الأصلي، فهي أشد كفرا من دولة الروم الذين هم أهل كتاب، وأخيرا استقر رأى الخليفة على البدء بالجبهة العراقية، وكان قائد معركة ذات السلاسل، هو القائد خالد بن الوليد بن المغيرة أبا سليمان، وهو المُلقب بسيف الله المسلول.

 

وهو أحد صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والمعروف بالذكاء والدهاء العسكري وكان قائد جيش المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الخلافة الراشدة من بعده، وأصبحت الجزيرة العربية ولأول مرة في تاريخها، كيانا سياسيا مستقلا تحت قيادة خالد بن الوليد العسكرية، وخاض العديد من المعارك والغزوات الإسلامية منها فتح الإمبراطورية الرومانية ومعركة اليرموك، فبعد أن انتهى خالد بن الوليد والمسلمين معه من حربه على المرتدين من بني حنيفة أتباع مسيلمة الكذاب جائته الأوامر من الخليفة أبى بكر بالتوجه إلى الأراضي العراقية، مع عدم إكراه أحد من المسلمين على مواصلة السير معه إلى العراق، ومن أحب الرجوع بعد قتال المرتدين فليرجع، فانفض كثير من الجند، وعادوا إلى ديارهم.

 

ليس خوفا ولا فرارا من لقاء الفرس ولكن تعبا وإرهاقا من حرب الردة، فلم يبقى مع خالد سوى ألفين من المسلمين، ووضع الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه، خطة عسكرية هجومية، حيث أمر قائده خالد بن الوليد أن يهجم على العراق من ناحية الجنوب، وفي نفس الوقت أمر قائدا آخر لا يقل خبرة عن خالد بن الوليد وهو عياض بن غنم الفهرى أن يهجم من ناحية الشمال، في شبه كماشة على العدو، ثم قال لهما من وصل منكما أولا إلى الحيرة واحتلها فهو الأمير على كل الجيوش بالعراق، فأوجد بذلك نوعا من التنافس الشريف والمشروع بين القائدين، يكون الرابح فيه هو الإسلام، وبعد أن تلقى قائد معركة ذات السلاسل خالد بن الوليد الكتاب من الخليفة أبي بكر الصديق شرع بالإعداد والتحضير للمعركة، فقام بتشكيل جيش جديد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى