مقال

الأمانة وصية غالية.

الأمانة وصية غالية.

بقلم / محمــد الدكــرورى

 

إن الأمانة وصية يتواصى المسلمون برعايتها ويستعينون بالله عز وجل على حفظها حتى إنه عندما يسافر المسلم إلى أي بلد، يقول له إخوانه أو أهله وجيرانه “استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك” رواه الترمذي، ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “أدي الأمانةَ إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك” فهى الأمانه التى أخبر النبي أن أداءها والقيام بها إيمان، وأن تضييعها والتهاون بها وخيانتها نفاق وعصيان، وهي أول ما يفقده الناس من دينهم، إنها الأمانة، وإن الأمانة فضيلة ضخمة، لا يستطيع حملها الرجال الأهازيل، وقد ضرب الله المثل لضخامتها، فبين أنها تثقل الوجود كله، فلا ينبغي للإنسان المسلم أن يستهين بها، أو يفرط في حقها وإلا كان من الجاهلين الظالمين، فقال تعالى في سورة الأحزاب ” إنا عرضنا الأمانة علي السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا”

 

وإن الأمانة خصلة سامية، وخلق كريم، وسلوك قويم، دعا إليها الإسلام وحبب فيها، بل وأمر بها، وأعلى منزلة أصحابها، فلنعش جميعا مع كتاب الله وسنة رسوله المصطفي عليه الصلاة والسلام، لنتعرف على فضيلة الأمانة وأهلها، فإن الأمانة طريق إلى الفلاح ولقد جعل الله عز وجل الأمانة سببا لدخول جنات النعيم، ووصف بها عباده المفلحين، فقال سبحانه وتعالي ” قد أفلح المؤمنون” ثم ذكر من صفاتهم كما جاء في سورة المؤمنون ” والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون” فالأمانة خلق يتصف به أشراف الناس وخيارهم، وأعلى الناس منزلة وأسماهم منزلة هم رسل الله عليهم الصلاة والسلام، فقد كانت الأمانة صفتهم وشعارهم لذا يقول كل واحد منهم لقومه بصدق وإخلاص، فكما أن الأمانة صفة لازمة للأنبياء والمرسلين فهي خصلة راسخة في أفئدة وقلوب المؤمنين.

 

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام “ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم “رواه أحمد، وقد أمرنا الله عز وجل بفرائض ووجب علينا أن نؤديها كما علمنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ومن هذه الأمور التى فرضها الله علينا هى الوفاء بالعهد والوفاء بالعهود أساس كرامة الإنسان وسعادته، فالوفاء بالعهد صفة من صفات العظماء، وإحدى الصفات ومكارم الأخلاق التي أمر بها الله تعالى، وأمر بها الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم والعهود التي بين الله وبين العباد كثيره ويجب الالتزام بها، وهي معرفة الإنسان بحقيقة أن الله تعالي خالقه، ولا رب غيره وعبادة الله وحده لا شريك له، والا يُشرك به والإيمان الفطري بوجود الله سبحانه وتعالى وكذلك نشر العلم بين الناس، وتوضيحه وبيان أهدافه وركائزه والالتزام بالدين الإسلامي الحنيف.

 

واتباع شرع الله، والاقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والجهاد في سبيل الله تعالى، حيث إن الله عز وجل أعد لعباده المجاهدين الفوز العظيم بالجنة والعهود التي بين العباد فيجب الوفاء بالعهود التي تكون بين العباد، وهي كذلك التزام المسلم بالعهد الذي بينه وبين غيره من العباد، والالتزام يكون في العهود الشفهيّة أو المكتوبة وعدم نقض العهود والأيمان وكذلك الالتزام بعقود الزواج، وهي أحق العهود التي يجب الالتزام بها، حيث جاء في الحديث النبوي ” إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج” وتكافؤ المسلمون فيما بينهم في مختلف الأمور وتربية الأبناء تربية حسنة، والإحسان في معاملتهم وحفظ حقوق الجيرآن، وعدم إلحاق الضرر والأذى بهم، فلا تستباح حرمته، ولا يُنال من عرضه، ولا يُستحل ماله.

 

وايضا الوفاء بحقوق المسلمين العامة، والمتمثلة بإفشاء السلام، وإجابة الدعاء، والاستنصاح للنصيحة، وتشميت العاطس، وزيارة المريض، واتباع الجنائز واحترام الشروط الموقعة بين المسلمين وإعطاء حقوق العباد إليهم، ويتضمن هذا أداء الدين لمستحقيه وعدم المماطلة في سداده وإعطاء الأجير والعامل أجره كاملا وعدم الانتقاص منه وعدم نكث العهود مع الآخرين، ويتمثل ذلك بعهود الهبات، والصدقات، والمعونات، وزيادة الأجور، وإنجاز الأعمال، وقضاء الحوائج، وأداء الديون والوفاء بالعهود في الإسلام، وتشير آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة إلى وجوب الوفاء بالعهود، والمواثيق، وأظهرت شناعة وعقاب من ينقضهما، أو من يُخل بها، حتى أن النكث بالعهود يقود إلى الكفر.

 

وهذا ما حدث مع بني إسرائيل وغيرهم من الأقوام الذين نقضوا العهد مع الله تعالى عز وجل، وأن هناك ثمرات للوفاء بالعهود حيث يترتب على الوفاء بالعهود العديد من الثمرات التي تقود إلى صلاح المجتمع واستقراره، وهي تحصيل التقوى، فالوفاء بالعهود إحدى صفات المتقين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه الحكيم وتحصيل الأمان الدنيوي، وحقن الدماء، وحفظ حقوق العباد وتكفير السيئات والفوز بالجنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى