مقال

أبو الدرداء عويمر بن زيد ” جزء 2″

أبو الدرداء عويمر بن زيد ” جزء 2″

بقلم / محمــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع أبو الدرداء عويمر بن زيد، وقد كان رضي الله عنه أحد أربعة جمعوا القرآن كله في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” مات النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يجمع القرآن غير أربعه وهم أبو الدرداء ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد ” رواه البخارى، وعن رجل من النخع قال سمعت أبا الدرداء رضي الله عنه حين حضرته الوفاة قال أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ” اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، واعدد نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم ، فإنها تستجاب، ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوا، فليفعل ” وقال أبو الدرداء رضي الله عنه “أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث أضحكني مُؤمل دنيا والموت يطلبه”

 

وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك بملء فيه ولا يدري أرضي الله أم أسخطه؟ وأبكاني فراق الأحبة محمد وحزبه، وهول المطلع عند غمرات الموت، والوقوف بين يدي الله، ولا أدري إلى الجنة أم إلى النار؟ وكان للنبي صلي الله عليه وسلم الأثر الأكبر في تربية أبي الدرداء رضي الله عنه، وقد كان النبى الكريم صلى الله عليه وسلم يوصيه كثيرا بما يجلب عليه الخير في الدنيا والآخرة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال “أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر ” رواه مسلم، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يقوم من جوف الليل، فيقول ” نامت العيون وغارت النجوم وأنت حى قيوم ” وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال.

 

“لأن أقول الله أكبر مائة مرة أحب إلي من أن أتصدق بمائة دينار” وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على المنبر، فخطب الناس وتلا آية وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فقلت له يا أبيّ، ومتى أنزلت هذه الآية؟ قال فأبى أن يكلمني، ثم سألته، فأبى أن يكلمني حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبيّ رضي الله عنه ما لك من جمعتك إلا ما لغيت فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم جئته فأخبرته، فقلت أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنك تلوت آية وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فقلت له متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، حتى إذا نزلت زعم أبيّ رضي الله عنه أنه ليس لي من جمعتي إلا ما لغيت فقال ” صدق أبيّ، إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ ” وروي أن أبا الدرداء رضي الله عنه كتب إلى سلمان.

 

“يا أخي، اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع العباد رده، واغتنم دعوة المبتلى، يا أخي، ليكن المسجد بيتك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” المساجد بيت كل تقي” وقد ضمن الله تعالي لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله عز وجل، ويا أخي، ارحم اليتيم وأدنه وأطعمه من طعامك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد أتاه رجل يشتكي قساوة قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أتحب أن يلين قلبك ؟” فقال نعم قال ” أدن اليتيم منك، وامسح رأسه وأطعمه من طعامك، فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك ” ويا أخي، لا تغترن بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا عشنا بعده دهرا طويلا، والله أعلم بالذي أصبنا بعده ”

 

وروي عن الواقدي أن أبا الدرداء رضي الله عنه توفي في السنة الثانية والثلاثين للهجرة النبوية، فى زمن عثمان بن عفان، في دمشق، ورُوي أنه توفي في السنة الحادية والثلاثين في الشام، وقيل سنة أربع وثلاثين أو ثلاث وثلاثين، والصحيح أنه توفي زمن خلافة عثمان حيث كان قاضيا لمعاوية، وكانت وفاته قبل مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه بعامين، وعن أم الدرداء رضي الله عنها أن أبا الدرداء رضي الله عنه لما احتضر جعل يقول من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل ساعتي هذه؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ ثم يقول ” ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مره” ومات أبو الدرداء رضي الله عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى