مقال

الدكرورى يكتب عن عبد الله بن سلام بن الحارث “جزء 3”


الدكرورى يكتب عن عبد الله بن سلام بن الحارث “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع عبد الله بن سلام بن الحارث، فكنت فيمن جاءه، فلمّا تأملت وجهه، واستثبته علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال وكان أول ما سمعت من كلامه أن قال “أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام” رواه الترمذي وقد قال السندي قى قول عبد الله بن سلام ” عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ” وذلك لما لاح عليه من سواطع أنوار النبوة، وإذا كان أهل الصلاح والصلاة في الليل يُعرفون بوجوههم، فكيف هو وهو سيدهم وخيرهم صلى الله عليه وسلم، و لقد كان اليهود يؤذون من آمن من أحبارهم، ويثيرون حوله الشكوك، ويقذفونه بتهم باطلة قبيحة، وقد حدثنا القرآن الكريم عن هذه الوسيلة الخبيثة، ودافع عن هؤلاء المؤمنين الذين وجه اليهود ضدهم تلك الحملات الظالمة.

 

والذي كان منهم عبد الله بن سلام، وقال ابن عباس ومقاتل لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن أسعد، وأسيد بن سعنة، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من اليهود، قالت أحبار اليهود ما آمن لمحمد إلا شرارنا، ولو كانوا من أخيارنا لما تركوا دين آبائهم، وقالوا لهم لقد خنتم حين استبدلتم بدينكم دينا غيره، فأنزل الله تعالى فى سورة آل عمران “ليسوا سواء” ولقد بشّر النبي صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن سلام رضي الله عنه، بالجنة، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، وقال ” التمسوا العلم عند أربعة، عند عويمر أبي الدرداء، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ” إنه عاشر عشرة في الجنة ” رواه الترمذي، وعن خرشة بن الحر قال.

 

” كنت جالسا في حلقة في مسجد المدينة، وفيها شيخ حسن الهيئة وهو عبد الله بن سلام، فجعل يحدثهم حديثا حسنا، فلما قام قال القوم من سّره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، قال فقلت والله لأتبعنه فلأعلمن مكان بيته، فتبعته فانطلق حتى كاد أن يخرج من المدينة ثم دخل منزله، فاستأذنت عليه فأذن لي، فقال ما حاجتك يا ابن أخي؟ قال فقلت له سمعت القوم يقولون لك لما قمت، من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا فأعجبني أن أكون معك، قال الله أعلم بأهل الجنة، وسأحدثك مم قالوا ذاك، إني بينما أنا نائم إذ أتاني رجل فقال لي قم فأخذ بيدي فانطلقت معه، فإذا أنا بجواد عن شمالي، قال فأخذت لآخذ فيها، فقال لي لا تأخذ فيها فإنها طرق أصحاب الشمال، قال فإذا جواد فى طريق، منهج على يميني، فقال لي خذ هاهنا.

 

فأتى بي جبلا، فقال لي اصعد، قال فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على إستي، حتى فعلت ذلك مرارا، قال ثم انطلق بي حتى أتى بي عمودا رأسه في السماء وأسفله في الأرض، في أعلاه حلقة، فقال لي اصعد فوق هذا، قلت كيف أصعد هذا ورأسه في السماء، فأخذ بيدي فزجل أى دفع بي، فإذا أنا متعلق بالحلقة، ثم ضرب العمود فخرّ، وبقيت متعلقا بالحلقة حتى أصبحت، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقصصتها عليه، فقال صلى الله عليه وسلم ” أما الطرق التي رأيت عن يسارك فهي طرق أصحاب الشمال، وأما الطرق التي رأيت عن يمينك فهي طرق أصحاب اليمين، وأما الجبل فهو منزل الشهداء، ولن تناله، وأما العمود فهو عمود الإسلام، وأما العروة فهي عروة الإسلام ولن تزال متمسكا بها حتى تموت ” رواه مسلم.

 

وقال البيهقي ” وهذه معجزة، حيث أخبر أنه لا ينال الشهادة، وهكذا وقع، فإنه مات سنة ثلاث وأربعين فيما ذكره أبو عبيد القاسم ابن سلام وغيره، وقال ابن عبد البر ” توفي في المدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة ثلاث وأربعين، وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعبد الله بن سلام بالجنة ” ولقد جاءت الأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة النبى صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم، في خطابه لهم يقول ” يا معشر اليهود، ويلكم، اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أني رسول الله حقا، وأني جئتكم بحق، فأسلموا ” وهذا ما أكده عبد الله بن سلام رضي الله عنه، بعد أن أسلم في قوله ” يا معشر اليهود اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وأنه جاء بحق ” رواه البخاري.

 

وقال ابن تيمية ” والأخبار بمعرفة أهل الكتاب بصفة النبى صلى الله عليه وسلم، وعندهم في الكتب المتقدمة متواترة عنهم ” ورغم ذلك منهم من آمن بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ومنهم من منعهم الحسد والكبر عن الإيمان به، فخسر الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى