مقال

الدكروري يكتب عن الاغتسال والطهارة “جزء 3”

الدكروري يكتب عن الاغتسال والطهارة “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الاغتسال والطهارة، وفي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال ” لا صلاة إلا بطهور” أي لا تصح الصلاة إلا إذا كان هناك قبلها طهور ووضوء يزيل الحدث ويرفعه، ومع أهمية هذا الشرط ، إلا أن كثيرا من المسلمين، يجهلون كثيرا من الأحكام المتعلقة بالطهارة، ويسيؤون فهمها وتطبيقها، وهذا بدورها يؤدي إلى الخلل في الصلاة، وربما يؤدي إلى فساد الصلاة إذا لم يكن الطهور تاما، وإذا لم يكن صحيحا، فإنه لا صحة ولا كمال للصلاة، ولهذا كان لابد من التنبيه على أحكام الطهارة حتى تصح طهارة المسلم فتصح صلاته بعد ذلك، ويجب علينا أن نعى جيدا أن الغسل يكفي عن الوضوء، فعن أم المؤمنين السيده عائشة رضي الله عنها، قالت “كان النبي صلى الله عليه وسلم، لا يتوضأ بعد الغسل ” رواه الترمذي، ولكن ينبغي المبادرة بالاغتسال قبل حضور عبادة يشترط لها الطهارة.

 

ولقد كان الناس في الجاهلية على حال مزرية من الجهالة والفساد والسوء، حتى في شأن طهارة أبدانهم، فلم يكونوا يُعنون بتطهيرها ولا إكرامها، ولقد أخرج البخاري ومسلم فى صحيحيهما عن السيده زينب رضي الله عنها، أنها وصفت حال المرأة في الجاهلية إذا مات عنها زوجها، فأخبرت أن المرأة كانت إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا أي بيتا صغيرا حقيرا، ومكثت فيه سنة كاملة، لابسة شرّ ثيابها، ولم تمس طيبا ولا ماء ولا شيئا فما ظنكم بما يتراكم عليها من الأوساخ والأقذار وهي في ذلك الحفش وتلك الثياب؟ فإذا أتمت سنة كاملة على تلك الحال أذن لها في الخروج ذلك الحفش، وقيل أنها كانت قبل أن تخرج يأتونها بشيء تتمسح به وتنقي به من علق بها من الأوساخ، ولكن ما هذا الشيء الذي يأتونها به؟ هل يأتونها بالمناديل أو القماش؟ كلا.

 

بل كانوا يعطونها دابة من الدواب الحية كشاة صغيرة أو أو أرنب أو طير من الطيور لتتمسح به، وقالت السيده زينب رضي الله عنها، فقلما تفتض، أي تتمسح بشيء إلا مات ذلك الشيء، يعني أنها إذا تمسحت بتلك الشاة أو الأرنب أو الطير مات ذلك الذي تمسحت به لقذارتها ودرنها، فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم وجاء الله بالإسلام تغير القوم، فتحولوا من الغلظة والجفاء إلى النقاء والصفاء، وأصبح ذلك الأعرابي الذي يُمضي الأيام لا يمس الماء، وأصبح يتوضأ بالماء خمس مرات كل يوم، كما أصبح الغسل محل عناية الشرع، فهو واجب أحيانا، ومستحب أحيانا أخرى، بصفات في غاية الطهر والنقاء ولم يكن التطهر أمرا يسيرا عند المسلمين، بل كان أمرا مهما أشد الأهمية، فمن لم يتطهر لم تصح صلاته، ومن لم يصلي فليس بمسلم.

 

ولقد رتب الله عز وجل، على التطهر عظيم الثواب، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كلّ خطيئة كانت بطشتها يداه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيا من الذنوب ” ولكن مع كل ذلك فإنه يحرم الإسراف في استعمال الماء ولو في الاغتسال، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، وكان صلى الله عليه وسلم، يُنبه إلى عناية المغتسل بالمغابن، كالإبط، وما بين الأليتين، وما يبعد وصول الماء إليه، مثل ما يكون تحت الشعر، ولا يبلغ به ذلك حد الوسواس، وإنما هو التعاهد بما يغلب على الظن.

 

 

 

ويجب علينا أن نعلم أنه من أصبح صائما وهو جُنب صح صومه، فيغتسل ويتم صومه، فعن السيده عائشه رضى الله عنها قالت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم ” رواه البخارى، ويجب علينا أيضا أن نعلم كيفية وأحكام الطهاره جيدا حتى نتمكن من أداؤها على الوجه الأكمل، فمن أحكام الطهارة أن يستتر الإنسان عم الأنظار عند قضاء حاجته، وإن كان في خارج البنيان فليبتعد عن الناس قليلا، ولا يجوز له أن يستقبل القبلة ولا يستدبرها وهو يقضي حاجته، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح، ثم يستنجي بالماء بعد انتهائه من قضاء حاجته، وإن شاء استجمر بالحجارة أو المناديل، ويحرص أثناء الاستنجاء أن لا يمس ذكره بيمينه، فإذا أراد أن يتوضأ، فليبدأ بالبسملة فيقول بسم الله، وإن تركها فلا شيء عليه، لأن الصواب والله أعلم أن التسمية عن الوضوء مستحبة وليس بواجبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى