مقال

الدكروري يكتب عن أعظم ملوك بابل مقيم المدن “جزء 8”

الدكروري يكتب عن أعظم ملوك بابل مقيم المدن “جزء 8”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع أعظم ملوك بابل مقيم المدن، ولقد أطلق عليه الفرس اسم بختنصر ومعناه السعيد الحظ، وأما الأكاديميون والمؤرخون الحاليون يفضلون تسميته بنبوخذ نصر الكبير، أو نبوخذ نصر الثاني، وذلك لوجود ملك آخر استخدم هذا الاسم قبله وهو نبوخذ نصر الأول الذي حكم بابل في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ونبوخذ نصر هو الابن الأكبر لنبوبولاسر مؤسس سلالة بابل الحادية عشر، ونبوبولاسر والذي قال عنه المؤرخ الكلداني بيروسوس بأنه حول بابل من منطقة تحت سلطة الاحتلال الآشوري إلى إمبراطورية عظيمة، وهو الذي قام بإسقاط نينوى عاصمة الإمبراطورية الآشورية بمساعدة الميديين، وقبل أن يصبح نبوخذ نصر ملكا، قاد الكلدان إلى هزيمة الآشوريين مرة أخرى الذين حظوا بدعم الملك المصري نخاو الثاني وتمكن من هزيمة الفراعنة والآشوريين.

 

في معركة كركميش، وبعد ذلك تمكن نبوخذ نصر من السيطرة على المناطق التي كانت محتلة من قبل الآشوريين ومنها الشام وفينيقية، ولكن توفي والد نبوخذ نصر الملك نبوبولاسر، فعاد نبوخذ نصر إلى بابل ملكا شرعيا عليها، ولقد مد نبوخذ نصر جيوشه إلى الشام ويهوذا ووصل إلى حدود مصر بالتحديد في أرض غزة الحالية، وهزم فيما يعرف بمعركة عزه، مما منع البابليين من التوغل إلى مصر، ولم يقم نبوخذ نصر بتدمير المدن التي كان يدخلها وأكتفى فقط بفرض الجزية عليها، ولكن بعد انسحاب المصريين من الأراضي الشامية بدأت تحرض الممالك الكنعانية ضد سلطة بابل عليها، فكانت مدينة عسقلان أول المدن التي عصت، فقام نبوخذنصر باحتلالها وسبى بعض من سكانها وعين ملكا آخر عليها، ولم تقبل مملكة يهوذا أيضا بدفع الجزية.

 

إلى بابل وقرر يهوياقيم ملك يهوذا العصيان على بابل، ففرض نبوخذ نصر الحصار على أورشليم عاصمة مملكة يهوذا وسبى بعضا من سكانها مع ملكهم يهويا كين، إلا أن نبوخذ نصر لم يسقط مملكة يهوذا وأقام صدقيا ابن الملك يهوياقيم مكانه ملك على يهوذا، إلا أن اليهوذيين قرروا العصيان مرة أخرى وبقيادة صدقيا وبدعم من المصريين، فقام البابليون في البداية بهزيمة المصريين الذين جاؤوا لمساعدة يهوذا، وبعدها إتجه البابليون لمحاربة مملكة يهوذا، فقام البابليون بحصارها لسنة كاملة وبعدها تمكن نبوخذنصر من اختراق مدينة أورشليم، ثم دخلوا إلى أورشليم وسبوا معظم سكانها ومنهم ملكهم صدقيا وهو الذي نصبه نبوخذ نصر ملكا، وأحرقوا هيكل سليمان، وبهذا أنهى حكم سلالة داوود على مملكة يهوذا، ولكن بعد ذلك قامت مدينة أخرى بالعصيان.

 

وهي مدينة صور الكنعانية فحاصرها لمدة ثلاثة عشر عام، إلى ان قبل الكنعانيون الهيمنة البابلية، وبذلك يعد هذا الحصار الأطول في التاريخ على مدينة، وحسب ما يقول نبوخذنصر في إحدى الألواح الأثرية بأنه تمكن من عزل ملكها الشرير وشق الطرق إلى صور بين الجبال وشتت سكانها الأشرار إلى إتجاهات الأرض الأربعة واختار ملكا أخر عليها، وحسب أحد الألواح الموجودة حاليا في لندن، في السنة سبعه وثلاثين من حكمه جهز نبوخذ نصر جيشا إلى مصر لمواجهة الملك الفرعوني أحمس الثاني فعندما سمع الفرعون أحمس بذلك أيضا جهز جيشا من المصريين وتوجه نحو فينيقية لكن لا يعرف نتائج تلك الحرب، وفي آخر أيام نبوخذ نصر قام ببناء إمبرطورية كلدانية بابلية عظيمة إمتدت قوتها من الخليج العربي وبلاد الفرس إلى البحر الأبيض المتوسط.

 

وكانت بابل الإمبراطورية الأقوى في زمنه، وفي الشهر السادس من سنة حكمه مات نبوخذ نصر عن عمر ناهز أربعه وأربعين عاما في الحكم، وخلفه اميل مردوخ، وإضافة لأعمال نبوخذنصر الحربية والتي لا تقل شئنا عن أسلافه ملوك بلاد الرافدين من الأكديين والآشوريين فكان له أيضا عدة أعمال عمرانية منها بناء الحدائق المعلقة التي سميت بحدائق بابل المعلقة، حيث ذكر المؤرخ الكلداني بيروسوس بأن هذه الجنائن بنيت إكراما لزوجته الميدية أميديا ابنة الملك سياخريس الذي تحالف معه نبوبولاسر، وأعدها المؤرخ والرحالة الاغريقي هيرودوت ضمن عجائب الدنيا السبع القديمة، ويقول هيرودوت أن الحدائق المعلقة قام بدعمها بالمياه عبر أنابيب تمكن من إصعاد المياه إلى الأعلى وهذا يكشف ان البابليين كانوا يعرفون نظرية أرخميدس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى