مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن الجوزي “جزء 2”

الدكروري يكتب عن الإمام إبن الجوزي “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام إبن الجوزي، وفي عهد الخليفة الناصر قد عينه ابن يونس الحنبلي في ولايته منصب الوزارة بعد أن سحب المنصب من عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي الذي أحرقت كتبه بسبب اتهامه بالزندقة وعبادة النجوم، وخلف ابن القصاب منصب ابن يونس الحنبلي فلاحق كل من له صلة به، فكان مصير ابن الجوزي النفي، وأخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس وبقي في المطمورة خمس سنين، ولقد كان حريصا على الوقت متفرغا للعلم، فقال في صيد الخاطر فليس في الدنيا أطيب عيشا من منفرد عن العالم بالعلم، فهو أنيسه وجليسه، قد قنع بما سلم به دينه من المباحات الحاصلة، لا عن تكلف ولا تضييع دين، وارتدى بالعز عن الذل للدنيا وأهلها، والتحف بالقناعة باليسير، إذا لم يقدر على الكثير بهذا الاستعفاف.

 

يسلم دينه ودنياه، واشتغاله بالعلم يدله على الفضائل ويفرجه عن البساتين، فهو يسلم من الشيطان والسلطان والعوام بالعزلة، ولكن لا يصلح هذا إلا للعالم، فإنه إذا اعتزل الجاهل فاته العلم فتخبط، ويقول مغنية الحي لا تطرب، ويقول الكتب هم الولدان المخلدون، ويقول في طريق إحكام المحفوظ “ينبغي للإنسان أن يعيد بعد الحفظ ليثبت معه المحفوظ، وقال لنا الحسن النيسابوري الفقيه لا يحصل الحفظ إلـيَّ حتى يعاد خمسين مرة” ومن أقوال العلماء فيه، أنه قال عنه ابن كثير “أحد أفراد العلماء، برز في علوم كثيرة، وانفرد بها عن غيره، وجمع المصنفات الكبار والصغار نحوا من ثلاثمائة مصنف” وقال عنه الذهبي “ما علمت أن أحدا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل” وقال عنه ابن رجب صاحب “ذيل طبقات الحنابلة” إنه “الحافظ المفسر.

 

الفقيه الواعظ، الأديب، شيخ وقته، وإمام عصره” وقال عنه ناصح الدين ابن الحنبلي الواعظ، اجتمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره، وكانت مجالسه الوعظية جامعة للحسن والحسان” وقال عنه ابن العماد صاحب شذرات الذهب “الواعظ المتفنن، صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة في أنواع العلم من التفسير والحديث والفقه، والزهد والوعظ، والأخبار والتاريخ، والطب وغير ذلك” وقال الداودي صاحب طبقات المفسرين “الإمام العلامة، حافظ العراق، وواعظ الآفاق، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم” وقال ابن خلكان كان علامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون كثيرة منها زاد المسير في علم التفسير وهي أربعة أجزاء، أتى فيه بأشياء غريبة، وله في الحديث تصانيف كثيرة، وله المنتظم في التاريخ وهو كبير.

 

وله الموضوعات في أربعة أجزاء، وعن الرحالة ابن جُبير، انه قال شاهدنا مجلس الشيخ الفقيه الإمام الأوحد، جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي رئيس الحنبلية، والمخصوص في العلوم بالرُّتب العليَّة، إمام الجماعة، وفارس حلبة هذه الصناعة، والمشهود له بالسبق الكريم في البلاغة والبراعة، مالك أزمة الكلام في النظم والنثر، والغائص في بحر فكره على نفائس الدرر، فأما نظمه فرضي الطباع، مهياري الانطباع، وأما نثره فيصدع بسحر البيان، ويعطل المثل بقبس وسحبان” وقال سبط ابن الجوزي “سمعت جدي يقول على المنبر كتبت بإصبعي ألفين مجلد” ومجموع تصانيفه مائتان وخمسون كتابا، وقد تميز ابن الجوزي بغزارة إنتاجه وكثرة مصنفاته التي بلغت نحو ثلاثمائة مصنف شملت الكثير من العلوم والفنون، فهو أحد العلماء المكثرين.

 

في التصنيف في التفسير والحديث والتاريخ واللغة والطب والفقه والمواعظ وغيرها من العلوم، ومن أشهر تلك المصنفات هو زاد المسير في علم التفسير وهو أربعة أجزاء، ونواسخ القرآن، ودفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، ووله في الحديث تصانيف كثيرة، منها الموضوعات من الأحاديث المرفوعات، جمع فيه الأحاديث الموضوعة، لكن تعقب عليه في بعضها، والعلل المتناهية في الأحاديث الواهية، وأيضا صفة الصفوة، وتلبيس إبليس، والتذكرة في الوعظ، وكتاب ذم الهوى، وصيد الخاطر، والوفاء بأحوال المصطفى، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم، وتاريخ بيت المقدس، والرّد على المُتعصب العنيد المانع من ذم يزيد، وأخبار الحمقى والمغفلين، ولقط المنافع، في الطب، وتنبيه النائم الغمر على مواسم العمر وهو كتيب، ولفتة الكبد إلى نصيحة الولد وهي رسالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى