مقال

الدكرورى يكتب عن بيعة الرضوان “جزء 2”

جريدة الاضواء

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع بيعة الرضوان، فأرسل لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم عثمان بن عفان، ليعرض عليهم الصلح، وقال له “أخبرهم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، وإدعهم إلى الإسلام، وأَمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، وأن الله عز وجل مُظهر دينه بمكة، فانطلق عثمان، فأتى قريشا، فقالوا له إلى أين؟ فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، ويخبركم أنه لم يأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، قالوا قد سمعنا ما تقول، فانفذ إلى حاجتك، ولكنهم لم يقبلوا به، ولكن عثمان احتبسته قريش فتأخر في الرجوع إلى المسلمين، فخاف النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل، فدعا إلى البيعة، فتبادروا إليه، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، وهذه هي بيعة الرضوان.

ويراد بلفظة البيعة فى اللغة، هى الصفقة المعقودة في البيع، وقد أطلق هذا المسمّى على مبايعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنهم بذلوا أنفسهم نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، في سبيل الدعوة إلى توحيد الله سبحانه وتعالى، أما لفظ الرضوان فهو من الرضا، وقد سُميت بهذا المسمى، لأن الله تعالى أنزل في كتابه الكريم قوله “لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجره فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينه عليهم وأثابهم فتحا قريبا” ويشار إلى أن أحداث بيعة الرضوان تمت في بدايات شهر ذى القعدة من السنة السادسة للهجرة، في منطقة الحديبية، وقامت قريش بإرسال عروة بن مسعود الثقفي إلى المسلمين فرجع إلى أصحابه، فقال عروه ” أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك كسرى وقيصر والنجاشي والله ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه.

كما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، ثم قال، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها” ثم أسرعت قريش في إرسال سهيل بن عمرو لعقد الصلح، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم، قال ” قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فتكلم سهيل طويلا ثم اتفقا على شروط الصلح” وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخشى أن تتعرض له قريش بحرب أو يصدوه عن البيت الحرام، لذلك استنفر من حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه، فأبطؤوا عليه، فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار وبمن لحق به من العرب، فبيعة الرضوان أو بيعة الشجرة.

هي حادثة في التاريخ الإسلامي حدثت في شهر ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة في منطقة الحديبية، حيث بايع فيها الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، على قتال قريش وألا يفروا حتى الموت، بسبب ما أشيع من أن عثمان بن عفان قتلته قريش حين أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، إليهم للمفاوضة، لما منعتهم قريش من دخول مكة وكانوا قد قدموا للعمرة لا للقتال، فلما بلغ المسلمين إشاعة مقتل عثمان قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ” لا نبرح حتى نناجز القوم ” ودعا المسلمين للبيعة فبايعوا، ويقدَّر عدد الصحابة الكرام الذين حضروا بيعة الرضوان نحو ألف وأربعمائة صحابي، وكانت البيعة تحت شجرة وسُميت بعد ذلك بشجرة الرضوان، وسبب تسمية البيعة بالرضوان أنه جاء في القرآن الكريم أن الله قد رضي عن الصحابة الذين حضروا هذه البيعة.

ولذلك قيل أن أهل بيعة الرضوان هم من أهل الجنة، كما وردت عدة أحاديث نبوية في ذات المعنى منها قول النبى صلى الله عليه وسلم ” لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجره ” وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أصحابه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك العمرة في مكة، بعد أن رأى في منامه أنه دخل هو وأصحابه المسجد الحرام، واستنفر النبي صلى الله عليه وسلم، العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه، وقد ساق معه الهدي وأحرم بالعمرة لتعلم قريش أنه خرج زائرا للبيت الحرام، فخرج منها يوم الاثنين غرة شهر ذي القعدة ومعه زوجته السيده أم سلمة، ولم يخرج بسلاح، إلا سلاح المسافر وهى السيوف فقط، وساق معه سبعين بدنة، واستخلف على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي وقيل، استخلف عبد الله بن أم مكتوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى