مقال

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 9″

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع بر الأمهات، ففى الحديث الذى رواه البخارى من حديث أبي بكرة أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” اثنان يعجلهما الله فى الدنيا، البغى وعقوق الوالدين” فتدبر معى أن هذا ابن عاق يعيش معه والده فى بيته فكبر الوالد، وانحنى ظهره، وسال لعابه، واختلت أعصابه، فاشمأزت منه زوجة الابن، وكم من الأبناء يرضون الزوجات على حساب طاعة الأمهات والآباء، فطرد الولد أباه من البيت، فرقّ طفل صغير من أبنائه لجده فقال له لماذا تطرد جدنا من بيتنا يا أبى، فقال: حتى لا تتأففون منه، فبكى الطفل لجده وقال حسنا يا أبتي، وسوف نصنع بك هذا غدا إن شاء الله، فالعقوق دَين لابد من قضائه، وهذا ابن آخر يصفع والده على وجهه، فيبكى الوالد ويرتفع بكاءه، فيتألم الناس لبكاء هذا الشيخ الكبير.

 

وينقض مجموعة من الناس على هذا الابن العاق ليضربوه، فيشير إليهم الوالد ويقول لهم دعوه، ثم بكى وقال والله منذ عشرين سنة، وفى نفس هذا المكان صفعت أبى على وجهه، وهكذا فإن العقوق دَين لابد من قضائه، وهذا ابن ثالث عاق يجر أباه من رجليه ليطرده خارج بيته، وما إن وصل الولد بأبيه وهو يجره حتى الباب، وإذا بالوالد يبكى ويقول لولده كفى يا بنى، كفى يا بنى إلى الباب فقط، فقال لا بل إلى الشارع، قال والله ما جررت أبى من رجليه إلا إلى الباب فقط، فكما تدين تدان، ويكفى أن تعلم أن الله تعالى قد قرن بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده فقال تعالى فى كتابه الكريم ” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ” وقال ابن عباس ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاثة، لا يقبل الله واحدة بدون قرينتها، أما الأولى فهى قوله تعالى.

 

كما جاء فى سورة محمد ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ” فمن أطاع الله ولم يطع الرسول صلى الله عليه وسلم فلن يقبل منه، وأما الثانية فهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة ” فمن أقام الصـلاة وضيع الزكاة لن يقبل منه، وأما الثالثة فهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة لقمان ” أن اشكر لى ولوالديك” فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لن يقبل منه، وأما عن حياة البر ما أروعها من حياة، إنها حياة السعادة والطمأنينة، إنها حياة الأمن والأمان، يالها من لذة، فيها ستشعر بانشراح الصدر، ستشعر بالسعادة فى كل الخطا، بل سيوسع الله عليك رزقك، بل سيبارك الله لك فى عمرك، فى حياة بر الوالدين، فإن البر سبب دخول الجنة فعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه”

 

قيل من يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم “من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة” فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول رغم أنفه ثلاثا أى ذل وهان وتعرض للخيبة و الخذلان من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما، ثم لم يكونا سببا فى دخوله الجنة، فإياك أن تضيع هذا الخير، يا من منّ الله عليك به الآن بر الوالدين من أعظم القربات إلى رب الأرض والسماوات، فعن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أى العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال صلى الله عليه وسلم “الصلاة على وقتها” قال ثم أى؟ قال صلى الله عليه وسلم “ثم بر الوالدين” قال ثم أى؟ قال صلى الله عليه وسلم “الجهاد فى سبيل الله” وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم أجاهد؟

 

قال صلى الله عليه وسلم “لك أبوان؟ قال نعم قال صلى الله عليه وسلم ” ففيهما فجاهد” وقيل أنه جاء رجل للنبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جئت أبيايعك على الهجرة والجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم” هل من والديك أحد حى؟ قال نعم، بل كلاهما قال صلى الله عليه وسلم فتبتغى الأجر من الله؟ قال نعم، قال صلى الله عليه وسلم “فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما” وهكذا فإن بر الوالدين أيضا هو سبب تفريج الكربات، فعن ابن عمر رضى الله عنهماأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غار فى الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى