مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 7″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السابع مع الإمام أبو حامد الغزّالي، وعلى العكس من ذلك، فقد ذمّ جمع من العلماء الإحياء منتقدين فيه كثرة الأحاديث الضعيفة، وإيراده لقصص الصوفية، وقد أقر الغزالي بضعفه في علم الحديث، حيث قال عن نفسه أنا مُزجى البضاعة في الحديث، وألفت عدة كتب في الرد على الإحياء، مثل كتاب إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء، لأبي الحسن ابن سكر، وإعلام الأحياء بأغلاط الإحياء، لابن الجوزي، والضياء المتلالي في تعقب الإحياء للغزالي، لأحمد ابن المنيّر، حتى وصل الأمر أن قد أمر بحرق كتاب الإحياء في قرطبة على عهد علي بن يوسف بن تاشفين ثاني أمراء المرابطين، سبب تسمية الكتاب بإحياء علوم الدين هو القناعة التي وصل لها الغزالي بأن العلم والفقه الحقيقي هو الذي ينعكس على سلوك الإنسان نتيجة يقينه بأن الآخرة خير من الأولى.

 

وهو بذلك يذم ما يسمى علوما دينية وتبنى على الإغراق في التفاصيل الفقهية وترتيب المناظرات والفوز بها، وقد قسم الكتاب إلى أربع أجزاء بعد مقدمة عن العلم والتفريق بين أنواعه، وكان عبارة عن ربع العبادات كالصلاة والزكاة والحج موضحا لبعض التفاصيل الدقيقة المتعلقة بأثر العبادات هذه على قلب الإنسان، وربع العادات كالزواج والعمل لاكتساب الرزق، وربع المهلكات كالغرور والتكبر وحب الدنيا والجاه والإفراط شهوتي الطعام والجنس وجعلهما بابا واحدا، وربع المنجيات بدأه بالتوبة وأن حقيقتها معرفة الله تعالي ثم الخجل منه فالندم والاعتذار، ثم تكلم عن الصبر والخوف من الله وعبادة التفكر، ومعظم ما كتبه الغزالي في الإحياء يبدأ عادة بشرح واستدلال بآية من القرآن الكريم ثم بحديث ثم بأخبار الصحابة ثم بأخبار الصالحين، وقال عنه ابن النجار.

 

بأن أبو حامد إمام الفقهاء على الإطلاق ورباني الأمة بالاتفاق، ومجتهد زمانه وعين أوانه، وكان شديد الذكاء، قوي الإدراك، ذا فطنة ثاقبة، وغوص على المعاني، وقال عنه أبو الحسن الشاذلي إذا عرضت لكم إلى الله حاجة فتوسلوا إليه بالإمام أبي حامد، وقال عنه أبو العباس المرسي إنا لنشهد له بالصديقية العظمى، وقال عنه ابن العماد الحنبلي هو الإمام زين الدين حجة الإسلام، أبو حامد أحد الأعلام، صنف التصانيف مع التصون والذكاء المفرط والاستبحار في العلم وبالجملة ما رأى الرجل مثل نفسه، وقال عنه ابن كثيرهو كان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه، وقال عنه أبو بكر ابن العربي، كان أشهر من لقينا من العلماء في الآفاق، ومن سارت بذكره الرفاق لطول باعه في العلم، ورحب ذراعه، الإمام أبو حامد بن محمد الطوسي الغزالي، وقال عنه أسعد الميهني.

 

لا يصل إلى معرفة علم الغزالي وفضله إلا من بلغ أو كاد يبلغ الكمال في عقله، وقال عنه عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي بأن أبو حامد الغزالي حجة الإسلام والمسلمين، إمام أئمة الدين، من لم تري العيون مثله لسانا وبيانا ونطقا وخاطرا وذكاء وطبعا، وقال عنه تلميذه محمد بن يحيى بأن الغزالي هو الشافعي الثاني، وقال عنه الأسنوي، بأن الغزالي إمام باسمه تنشرح الصدور وتحيا النفوس، وبرسمه تفتخر المحابر وتهتز الطروس، وبسماعه تخشع الأصوات وتخضع الرؤوس، وهو قطب الوجود والبركة الشاملة لكل موجود وروح خلاصة أهل الإيمان والطريق الموصلة إلى رضا الرحمن يتقرب إلى الله به كل صديق ولا يبغضه إلا ملحد أو زنديق، وقال عنه تلميذه الشيخ أبو العباس الأقليشي المحدّث الصّوفي، مدحه ومدح كتاب إحياء علوم الدين في قصيدة طويلة.

 

وكان لأبي حامد الغزالي، كغيره من قادة الفكر، جماعة ممن انتقدوه، فأنكروا عليه بعض ما كتب في كتبه، أو بعض ما تبناه من أفكار، أو بعض ما اختاره من طريق الزهد والتصوف، وحتى مَن انتقده فقد أشاد بعلمه وفضله، فكان ممن انتقده هم أبو بكر الطرطوشي، والذي انتقد الغزالي في هجرانه للعلوم الشرعية، وإقباله على طريق الصوفية، وإدخاله الفلسفة، وانتقاده فيما بعد للفقهاء والمتكلمين، حتى قال عنه أنه كاد ينسلخ من الدين، متهما إياه بأنه غير أنيس بعلوم الصوفية ولا خبير بمعرفتها، ولقد رد تاج الدين السبكي على انتقاد الطرطوشي، وقال بأن الغزالي درس الفلسفة لينقضها، وأنه كان ذا قدم راسخ في التصوف، وإِن لم يكن الغزالي يدري التصوف فمن يدريه، وقال المازري، والذي أنكر على الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين إيراده الأحاديث الضعيفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى