مقال

الدكروري يكتب عن الإمام القرظي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام القرظي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام القرظي هو الإمام العلامة الصادق أبو حمزة محمد بن كعب القرظي وهو مُحدث من التابعين، وله روايات كثيرة عن جماعة من الصحابة، وكان عالما بتفسير القرآن الكريم، وقال ابن سعد عنه أنه كان ثقة، عالما، كثير الحديث، ورعا، وهو من رجال الكتب الستة، وهو محمد بن كعب بن حيان بن سليم، وكنيته أبو حمزة، وقيل أبو عبد الله القرظي المدني، وهو من حلفاء فبيلة الأوس وكان أبوه كعب من سبي بني قريظة، حيث كان أبوه ممن لم ينبت في غزوة بني قريظة، فتركوه، وولد القرظي في المدينة المنورة في آخر خلافة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سنة أربعين من الهجرة، وسكن الكوفة بالعراق، ثم المدينة المنورة، وكان عالما بتفسير القرآن الكريم، وأقواله منثورة في كتب التفسير، وقال عون بن عبد الله عنه ما رأيت أحدا أعلم بتأويل القرآن من القرظي.

وكان له أملاك بالمدينة، وحصل مالا كثيرا، فقيل له ادخر لولدك، فقال لا، ولكن أدخره لنفسي عند ربي، وأدخر ربي لولدي، وإنه كان مجاب الدعوة، كبير القدر، وهو منسوب إلى بني قريظة الطائفة المعروفة من اليهود، وأورده أصحاب السير في الطبقة الثانية من التابعين، وكان من أهم ملامح شخصية الإمام القرظي هو انشغاله بالقرآن والذكر، حيث كان محمد بن كعب يقول لئن أقرا في ليلة حتى أصبح إذا زلزلت والقارعة لا أزيد عليهما واردد فيهما الفكر أحب إلي من آن أهد القران هدا أو قال انثره نثرا، وقال محمد بن كعب القرظي لو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لنبي الله زكريا عليه السلام حيث قال الله عز وجل له كما جاء قوله تعالي ” قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا” فقد حبس لسانه عن كل الكلام إلا ذكره ولرخص للرجل الذي يكون في الحرب.

فقال تعالي ” يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا” وكان من أهم ملامح شخصية الإمام القرظي أيضا هو الحرص على التعلم، وكان ثقة عالما كثير الحديث ورعا، وكانت أمه تقول له يا بني، لولا أني أعرفك صغيرا وكبيرا طيبا، لظننت أنك أحدثت ذنبا موبقا لما أراك تصنع بنفسك في الليل والنهار، فقال يا أماه وما يؤمنني أن يكون الله تعالي قد اطلع على وأنا في بعض ذنوبي فمقتنى فقال اذهب لا أغفر لك مع أن عجائب القرآن تورد على أمورا حتى إنه لينقضي الليل ولم أفرغ من حاجتي، وعن أبي بردة الطوبي قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول “يخرج من الكاهنين رجل يدرس القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده” وقال نافع قال ربيعة فكنا نقول هو محمد بن كعب القرظي والكاهنان قريظة والنضير” رواه أحمد والبزار والطبراني.

من طريق عبد الله بن مغيث عن أبيه عن جده وعبد الله ذكره ابن أبي حاتم ومغيث ذكره البخاري في التاريخ ولم يجرحهما أحد وبقية رجاله ثقات، وكان الإمام القرظي له موقف مع أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، فيقول وهيب بن الورد بلغنا أن محمد بن كعب القرظي دخل على عمر بن عبد العزيز فرآه عمر يشد النظر إليه فقال له يا ابن كعب إني لأراك تشد النظر إلي نظرا ما كنت تنظر إلي قبل هذا، فقال محمد العجب العجب يا أمير المؤمنين لما تغير من حالك بعدنا فقال له عمر وهل بنت ذلك مني فقال له محمد بن كعب الأمر أعظم من ذلك إلا أنه يكون استبان ذلك منك فقال له عمر بن عبد العزيز يا بن كعب فكيف لو رأيتني بعد ثلاث وقد أدخلت قبري وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الوجنتين وتقلصت الشفتان عن الأسنان وفتح الفم وارتفع البطن فعلي فوق صدري.

وخرج القصب من الدبر فقال محمد بن كعب يا عبد الله إن كنت قد ألهمت هذا الأمر نفسك فانظر أن تنزل عباد الله عندك ثلاث منازل أما من هو أكبر منك فأنزله كأنه أب لك وأما من كان بسنك فأنزله كأنه أخ لك وأما من كان أصغر منك فأنزله كأنه ابن لك فأي هؤلاء تحب أن تسيء إليه أو يرى منك بعض ما يكره قال عمر بن عبد العزيز ولا إلى أحد منهم، وحدث الإمام القرظي عن أبي أيوب الأنصاري، وأبي هريرة، ومعاوية، وزيد بن أرقم، وابن عباس، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وفضالة بن عبيد، والبراء بن عازب، وعبد الله بن جعفر، وكعب بن عجرة، وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، وأبي صرمة الأنصاري البدري، وأنس بن مالك، وابن عمر، ومحمد بن خثيم، وعبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وأبان بن عثمان، وعبد الله بن شداد بن الهاد، كما يُرسل كثيرا.

ويروي عمن لم يلقهم، فروى عن أبي ذر، وأبي الدرداء وعلي، والعباس، وابن مسعود، وسلمان الفارسي، وعمرو بن العاص، وكما حدث عنه أخوه عثمان، ويزيد بن الهاد، وأبو جعفر الخطمي، وأبو سبرة النخعي، والحكم بن عتيبة، وعاصم بن كليب، وأيوب بن موسى، وأسامة بن زيد الليثي، وزيادة بن محمد، وصالح بن حسان، وعاصم بن محمد العمري، وابن عجلان، وأبو المقدام هشام بن زياد، والوليد بن كثير، وأبو معشر نجيح، ومحمد بن رفاعة القرظي، وكان من كلمات الإمام القرظي إنما يكذب الكاذب من مهانة نفسه، وسئل محمد بن كعب القرظي ما علامة الخذلان؟ قال أن يقبح الرجل ما كان يستحسن، ويستحسن ما كان قبيحا، وقال إذا أراد الله تعالى بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خلال فقه في الدين وزهادة في الدنيا وبصره بعيوبه.

وقيل ولد محمد بن كعب القرظي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح ذلك، وأما عن منزلة الإمام القرظي عند أهل الحديث، فقد قال ابن سعد عنه أنه كان ثقة عالما كثير الحديث ورعا، وقال ابن المديني وأبو زرعة والعجلي هو ثقة، وزاد العجلي أنه مدني تابعي رجل صالح عالم بالقرآن، وقال الذهبي أنه كان من أئمة التفسير، وعن محمد بن كعب القرظي يقول سمعت عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة” قال البخاري لا أدري أحفظه أم لا، وقال أبو داود أنه سمع من علي وابن مسعود، وقال قتيبة بلغني أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمعه الترمذي منه، وقال يعقوب بن شيبة ولد محمد بن كعب في آخر خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سنة أربعين للهجرة، ولم يسمع من العباس.

وتوفى الإمام القرظي سنة مائة وثماني من الهجرة، وعن سبب موته يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء، كان لمحمد بن كعب جلساء من أعظم الناس بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة فأصابتهم زلزلة فسقط عليهم المسجد فماتوا جميعا تحته، وعن موسى بن عقبة قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” يخرج من الكاهنين رجل يكون أعلم الناس بكتاب الله” قال فكان الناس يقولون هو محمد بن كعب لأن أباه من قريظة وأمه من بني النضير، وهما المراد بالكاهنين” ورُوى أنه كان لمحمد بن كعب جلساء من أعلم الناس بالتفسير، وكانوا مجتمعين في مسجد الربذة فأصابهم زلزال، فسقط عليهم المسجد، فماتوا جميعا تحته، ولكن كان هناك رأي آخر فقيل أنه مات سنة مائة وعشرون للهجرة، وقال الواقدي وجماعة وهو ابن ثماني وسبعين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى