مقال

الدكروري كتب عن الإمام الدرامي

جريدة الأضواء

الدكروري كتب عن الإمام الدرامي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام الدرامي هو الإمام الحافظ شيخ الإسلام وأحد الأئمة الأعلام الحافظ الحجة عثمان بن سعيد بن خالد بن سعيد التميمي الدارمي السجستاني، المكنى بأبي سعيد، أحد أئمة أهل السنة والجماعة وعلمائهم، وأحد رواة الحديث النبوي الشريف ولد قبل سنة مائتان للهجرة بفترة يسيرة، وتلقى علوم اللغة العربية على يد ابن الاعرابي وهو شيخ اللغويين والنحاة، وعلم الفقه على المذهب الشافعي على يد أبي يعقوب البويطي، وعلم الحديث النبوي على يد يحيى بن معين وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وتقدم في هذه العلوم، وصار في كل منها إماما، كما كان من أشهر رواة المسائل عن يحيى بن معين في علم الرجال، واشتهر بكثرة أسفاره، وسمع من علماء الحجاز والشام مثل هشام بن عمار، ومصر مثل نعيم بن حماد والعراق وشبه الجزيرة العربية وبلاد العجم، وقال عنه ابن حبان في كتابه الثقات.

 

أنه إمام من أئمة الدنيا، وروى له ابن حبان حديثا في صحيحه، كما روى عنه أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، والبيهقي في سننه العديد من الأحاديث، وهو غير مصنف كتاب المسند الكبير، المعروف بمسند الدارمي فمصنف المسند هو أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن التميمي الدارمي السمرقندي توفي في مائتان وخمس وخمسين للهجرة، أما عثمان بن سعيد فقد صنف كتابا في الرد على بشر المريسي اسمه نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد، والمشهور باسم النقض على المريسي أو نقض الدارمي، كما صنف كتاب الرد على الجهمية، للرد على تلك الفرقة المعروفة، وله أيضا كتاب المسند المعروف بالمسند الكبير للإمام عثمان بن سعيد الدارمي، وقد ذكره من ترجم له و قال الحافظ الذهبي.

 

في ترجمته له في سير أعلام النبلاء أنه صاحب المسند الكبير والتصانيف، واشتهر بشدته على أهل البدع بحسب عقيدة أهل السنة والجماعة، حتى قال عنه الحافظ الذهبي أنه كان عثمان الدارمي جذعا في أعين المبتدعة، فعرف بشدته على الجهمية، وصنف كتابان في الرد عليهما، هما النقض على المريسي، والرد على الجهمية، كما عرف بشدته على الكرامية، فهو الذي قام وأنكر عليهم حتى طرد محمد بن كرام وهو رأس الكرامية وهو من مدينة هراة، ومن نوادره وطرائفه أن ابن عبدوس الطرائفي قال لما أردت الخروج إلى عثمان بن سعيد ويعني إلى هراة، أتيت ابن خزيمة، فسألته ان يكتب لي اليه، فكتب إليه، فدخلت هراة في شهر ربيع الأول سنة مائتان وثمانين للهجرة، فأوصلته الكتاب فقرأه ورحب بي وسأل عن ابن خزيمة، ثم قال يا فتى متى قدمت؟

 

قلت غدا، قال يا بني فارجع اليوم، فإنك لم تقدم بعد حتى تقدم غدا، وكان من ثناء العلماء على الإمام الدارمي، أنه قال عنه الذهبي فاق أهل زمانه، وكان لهجا بالسنة، بصيرا بالمناظرة، وقال أبو حامد الأعمشي ما رأيت في المحدثين مثل محمد بن يحيى، وعثمان بن سعيد، ويعقوب الفسوي، وقال أبو الفضل الجارودي كان عثمان بن سعيد إماما يُقتدى به في حياته، وبعد مماته، وقال الحسن بن صاحب الشاشي سألت أبا داود السجستاني عن عثمان بن سعيد، فقال منه تعلمنا الحديث، وقد أخذ الإمام الدرامي الفقه عن أبي يعقوب البويطي، والعربية عن ابن العربي، وأخذ الحديث عن أحمد، وإسحاق، وعلي ابن المديني، ويحيى بن معين، ولقي الكبار وبرع في العلوم وطرق الآفاق، وسمع الحديث بحمص من أبي اليمان، ويحيى بن الوحاظي، وحيوة بن شريح وغيرهم.

 

وبدمشق من خطيبها هشام بن عمار، وحماد بن مالك الخرساني وطائفة، وبمصر من سعيد بن أبي مريم، وعبد الغفار بن داود، ونعيم بن حماد وطائفة، وبالعراق من سليمان بن حرب، وموسى بن إسماعيل التبوذكي وخلق، وعن أحمد بن محمد بن الأزهر، وأبو عمرو أحمد بن محمد الحيري، وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، وأبو النضر محمد بن محمد الطوسي الفقيه، ومحمد بن يوسف الهروي نزيل دمشق وجماعة، وكان من تلامذة الإمام الدارمي، هم أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري، ومحمد بن إبراهيم الصرام، ومؤمل بن الحسين، وأحمد بن محمد بن الأزهر، ومحمد بن يوسف الهروي، وأبو إسحاق بن ياسين، ومحمد بن إسحاق الهروي، وأحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، وأبو النضر محمد بن محمد الطوسي الفقيه، وحامد الرفاء، وأحمد بن محمد العنبري.

 

وأبو الفضل يعقوب القراب، وخلق كثير من أهل هراة، وأهل نيسابور، ومن مؤلفات الإمام الدارمي هو المسند الكبير، والرد على الجهمية، وكتاب في الرد على بشر المريسي، وكانت من كلمات الإمام الدارمي الخالدة، أنه قال من لم يجمع حديث شعبة، وسفيان، ومالك، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، فهو مفلس في الحديث، أي أنه يريد أنه ما بلغ درجة الحُفاظ، وكتاب سنن الدارمي، هو كتاب في الحديث لمؤلفه الحافظ شيخ الإسلام بسمرقند أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن التميمي الدارمي السمرقندي واشتهر بحفظ الحديث وتدوينه حتى قال عنه الخطيب البغدادي كان أحد الرحالين في الحديث، والموصوفين بحفظه وجمعه، والإتقان له، مع الثقة والصدق والورع والزهد، وكان يضرب به المثل في الديانة والحلم والرزانة، وقد رتبه المؤلف تحت عدد من الكتب.

 

وأدرج تحت كل كتاب عدد من الأبواب وقد قدم بين يدي الكتاب الطهارة، فالصلاة، فالزكاة، فالصوم، إلخ، ثم ختم بكتاب فضائل القرآن، واشتملت سنن الدارمي على أحاديث كثيرة عدها بعضهم بلغت ثلاثة ألاف وربعمائة وخمس وخمسون نصا مسندا، في مختلف الأبواب الفقهية، وقد اعتمد فيه مصنفه الدارمي على طريقة الكتب والأبواب، وقد قدم بين يدي الكتاب بمقدمة احتوت على عدة أبواب في الشمائل النبوية، وفي اتباع السنة، وفي آداب الفتيا، وفي فضل العلم، ثم شرع في الكتاب على الترتيب المعتاد مبتدأ بكتاب الطهارة، فالصلاة، فالزكاة، فالصوم، فالحج ثم ختم بكتاب فضائل القرآن، والمؤلف يورد المرفوع والموقوف والمقطوع، والمتصل والمنقطع، والصحيح والضعيف، كل هذا يورده بسنده دون التعرض لنقد الأسانيد.

 

وقد اشتهرت سنن الدارمي عند المحدثين بالمسند على خلاف اصطلاحهم، فقال السيوطي في التدريب ومسند الدارمي ليس بمسند، بل هو مرتب على الأبواب، والمسند يكون مرتبا على أسماء الصحابة، فإطلاق المسند على سنن الدارمي فيه تجوز، والأولى أن يطلق عليه لفظ السنن، لأن السنن في الاصطلاح هي الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية من الإيمان والطهارة والصلاة والزكاة إلى آخرها وليس فيها شيء من الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في الاصطلاح سنة، بل يسمى حديثا، وقال ابن حجر وأما كتاب السنن، المسمى بمسند الدارمي فإنه ليس دون السنن في المرتبة، بل لو ضُم إلى الخمسة، لكان أولى من ابن ماجة، فإنه أمثل منه بكثير، وعاش الإمام الدارمي ثمانين سنة وتوفي في شهر ذي الحجة سنة مائتان وثمانين للهجرة، الموافق عام ثماني مائة وأربعة وتسعين ميلادي، رحمه الله رحمة واسعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى