مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 5″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع فضل العشر الأواخر من رمضان، وكذلك كان فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ كان يجتهد في صلاة الليل، حتى إن وصل إلى نصفه أيقظ أهله، وهو يتلو على مسامعهم قول الله تعالى ” وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى” وأيضا عنايتهم بالقرآن فى تلك الليالى، فقد كان السلف الصالح يجتهدون فى قراءة القرآن الكريم، فى الأيام العشر من رمضان، إذ رُوى عن قتادة أنه كان يختم القرآن فى ثلاثة أيام من شهر رمضان، فإذا دخلت العشر الأواخر ختمه كل ليلة، وكما جاء عن الأسود بن زيد أنه كان يختم القرآن فى رمضان كل ليلتين، وورد عن الشافعى أنه كان يختم القرآن مرتين في اليوم أى ستين مرة في رمضان، وأيضا الحرص على أداء الصلاة في المساجد جماعة، فقد ذكر أن الأعمش لم تفوته تكبيرة الإحرام حتى بلغ سبعين سنة من عمره.

 

وهكذا فإن للعشر الأواخر من رمضان، قدسية خاصة عند المسلمين، حيث أن فضل العشر الأواخر من رمضان عظيم، حيث يدعو النبى صلى الله عليه وسلم لضرورة اغتنام الوقت والانتفاع بمواسم الخير، فيجب اغتنامهم بقراءة القرآن والذكر والصلاة، عسى أن تنالهم من الله نفحات خير يسعدون بها في الدنيا والآخرة، فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يجتهد فى العشر الأواخر من رمضان، ما لا يجتهد في غيرها، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت ومن ذلك انه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها” رواه البخارى ومسلم، وعن السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره ” وقولها ” وشد مئزره ” كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد، ومعناه التشمير في العبادات.

 

وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع، وقولهم ” أحيا الليل ” أى استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها وقد جاء فى حديث السيدة عائشة الآخر رضى الله عنها ” لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القران كله فى ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام شهرا كاملا قط غير رمضان” فيحمل قولها ” أحيا الليل ” على أنه يقوم أغلب الليل أو يكون المعنى أنه يقوم الليل كله لكن يتخلل ذلك العشاء والسحور وغيرهما فيكون المراد أنه يحيي معظم الليل، وقولها ” وأيقظ أهله ” أى أيقظ أزواجه للقيام ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة، ولكن كان يوقظهم لقيام بعض الليل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال ” سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن، ماذا أنزل من الخزائن، من يوقظ صواحب الحجرات ؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة ” رواه البخارى.

 

وفيه كذلك أنه كان صلى الله عليه وسلم يوقظ السيدة عائشة رضي الله عنها إذا أراد أن يوتر، ولكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله فى العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه فى سائر السنة، وفعله صلى الله عليه وسلم هذا يدل على اهتمامه بطاعة ربه، ومبادرته الأوقات، واغتنامه الأزمنة الفاضلة، فينبغي على المسلم الاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم فإنه هو الأسوة والقدوة، والجد والاجتهاد فى عبادة الله، وألا يضيّع ساعات هذه الأيام والليالى، فإن المرء لا يدرى لعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هادم اللذات ومفرق الجماعات والموت الذى هو نازل بكل امرئ إذا جاء أجله، وانتهى عمره، فحينئذ يندم حيث لا ينفع الندم، ومن فضائل هذه العشر وخصائصها ومزاياها أن فيها ليلة القدر، فقال الله تعالى فى سورة الدخان.

 

“حم، والكتاب المبين، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم، أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين، رحمة من ربك إنه هو السميع العليم” فأنزل الله القران الكريم فى تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة وقد صح عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم أن الليلة التي أنزل فيها القران هي ليلة القدر، وقوله تعالى ” فيها يفرق كل أمر حكيم ” أى تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة، والمقصود بكتابة مقادير الخلائق فى ليلة القدر والله أعلم أنها تنقل فى ليلة القدر من اللوح المحفوظ، فقال ابن عباس ” أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفى الأموات “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى