مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 6″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 6″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس مع فضل العشر الأواخر من رمضان، أى انه كتب فى ليلة القدر انه من الأموات، وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة، ومعنى القدر، أى التعظيم، أى أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التى اختصت بها، أو أن الذى يحييها يصير ذا قدر، وقيل القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من القدر وهو التضييق، وقد قال تعالى” وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه” أي ضيق عليه رزقه، وقيل القدر بمعنى القدر، وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى “فيها يفرق كل أمر حكيم” ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب.

 

فيها فهى ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” واه البخارى ومسلم، وقد خص الله تعالى هذه الليلة بخصائص منها أنه نزل فيها القرآن كما تقدّم، وقال ابن عباس وغيره أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا من فضائلها وصفها بأنها خير من ألف شهر في قوله تعالى” ليلة القدر خير من ألف شهر” ووصفها بأنها مباركة في قوله تعالى” إنا أنزلنه في ليلة مباركة” وأنها تنزل فيها الملائكة، والروح” أى يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن.

 

ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له ” والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصّه بالذكر لشرفه، وأيضا وصفها بأنها سلام أى سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل، وفيها يفرق كل أمر حكيم أى يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق، وما يكون فيها إلى آخرها، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير، وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم، وأن الله تعالى يغفر لمن قامها إيمانا واحتسابا ما تقدم من ذنبه، كما جاء فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال.

 

“من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى ومسلم وقوله “إيمانا واحتسابا” أى تصديقا بوعد الله بالثواب عليه وطلبا للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه، وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظم قدرها وهي قوله تعالى فى سورة القدر” إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هى حتى مطلع الفجر” فقوله تعالى ” وما أدراك ما ليلة القدر” تنويها بشأنها، وإظهارا لعظمتها وقوله تعالى” ليلة القدر خير من ألف شهر”أى إحياؤها بالعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة، وهذا فضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى.

 

وفى هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك، ولذا كان النبى صلى الله عليه وسلم يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير، وهو القدوة للأمة، فقد تحرّى ليلة القدر، وفى رواية قال أبو سعيد الخدري قال” مطرنا ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد في مُصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه، وقد انصرف من صلاة الصبح، ووجهه مُبتل طينا وماء” متفق عليه، وروى مسلم من حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنه نحو حديث أبى سعيد لكنه قال “فمطرنا ليلة ثلاثة وعشرين” وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال” ألتمسوها في العشر الأواخر من رمضان فى تاسعة تبقى، فى سابعة تبقى، فى خامسة تبقى” رواه البخارى، وليلة القدر فى العشر الأواخر كما في حديث أبى سعيد السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى