مقال

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع شهر رمضان والإعجاز القرآني، وإن القرآن متدبرا ما تلاه لسان إلا طاب وحلا، ولا وصل أثره قلبا إلا صلح وصفا، ولا حل صدرا إلا انبسط وانشرح، ولا تأمل فيه عقل راجح إلا اتسع وانفسح، وهل هملت الدموع الصادقة عند تلاوته أو سماعه إلا بتدبره، وخشعت القلوب بعد أن كانت قاسية كالحجارة إلا بتعقله، وهل عرفت علوم الشريعة إلا بالنظر فيه، والتفكر فيما يحويه، فيقول تعالى كما جاء فى سورة النساء ” أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا” ألا إن الصديقين والشهداء والصالحين أوصلهم تدبر القرآن إلى ما هم فيه من المراتب العالية والمناقب السامية، وإن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين، ولقد كان لأهل الإيمان مع تدبر القرآن حديث مؤثر، خشعت له قلوبهم، ودمعت منه عيونهم، وسارعت به إلى الأعمال الصالحة جوارحهم.

 

فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم “اقرأ على القرآن” قال فقلت يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال “إنى أشتهي أن أسمعه من غيرى” فقرأت النساء حتى إذا بلغت ” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيد” من سورة النساء، رفعت رأسى أو غمزنى رجل إلى جنبي فرفعت رأسى فرأيت دموعه تسيل” فما الذي أبكاه عليه الصلاة والسلام إلا التدبر والتفكر فيما سمع، وكان خليفته أبوبكر الصديق رضي الله عنه رجلا أسيفا أى حزينا لا يفتتح الصلاة قارئا إلا هملت عيناه، وهذا هو عمر الفاروق رضي الله عنه في ليلة من ليالي عدله وإحساسه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه يخرج ليتفقد رعيته، إذ مر بدار رجل من المسلمين فوافقه قائما يصلي فوقف يستمع قراءته فقرأ الطور حتى بلغ ” إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع” فقال عمر.

 

” قسم ورب الكعبة، فنزل عن حماره واستند إلى حائط فمكث مليا ثم رجع إلى بيته، فمكث شهرا يعوده الناس لا يدرون ما مرضه، وما مرضه إلا تأثره بما سمع” وهذا الصحابي الكريم أبو طلحة رضي الله عنه يقرأ سورة التوبة، فلما بلغ قوله تعالى ” غنفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فى سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” قال “أرى ربنا يستنفرنا شيوخا وشبابا، جهزونى يا بنى، فركب البحر غازيا فى سبيل الله فمات فلم يجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد تسعة أيام فنزلوا فدفنوه، ولم يكن قد تغير جسده خلال تلك الأيام التسعة فوق السفينة “رضى الله عنه ورحمه، وهذا هو جبير بن مطعم صحابى آخر رضي الله عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور حتى بلغ قوله تعالى ” أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون” قال” فكاد قلبي يطير فكان ذلك من أسباب إسلامه.

 

نعم لقد تأثر حتى طار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نتلو كتاب الله تعالى لا بد أن نتأمله ونتدبره ونتعرف على معانيه الجليلة، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” فأخبر أن الذى لا يتدبر القرآن ولا يتعرف على معانيه كالمقفل قلبه، وفى هذا دلالة على بعده عن ربه جل وعلا، والمؤمن قريب من الله، قريب من كتابه، قريب من كلامه، يقرؤه ويتفهم معانيه الجليلة، ثم ننتقل إلى آيات من الآيات التى تدل على الإعجاز العلمي للقرآن، ويقول الله تعالى كما جاء فى سورة يونس ” هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ” ويقول الله تعالى كما جاء فى سورة يس ” والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ” ففى العصر الحديث أكتشف العلماء أن القمر هو مجرد جرم بارد عاكس للضوء.

 

وذلك خلافا لحال الشمس السراج، وأن حجمه أصغر من الشمس، رغم ما يظهر للرائي من كبر حجمه، وأن شكله الظاهر لنا، والذى يتبدل من هلال، إلى بدر، إلى محاق، أن ذلك يحدث حسب أوضاعه، أو منازله النسبية للشمس والقمر، ومن الآيات التى تدل على الإعجاز العلمي للقرآن أيضا هو مراحل نمو الجنين في بطن أمه فقد قال الله تعالى في محكم آياته كما جاء فى سورة الحج ” يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ” فهذه الآية وغيرها، هى مِن أبلغ آيات الله المبهرات فى كتابه الكريم، والتى لم يكتشفها العلماء إلا فى العصر الحديث، فهي تقوم بالوصف التشريحي الدقيق لمراحل تكون الجنين منذ كان نطفة، ثم تطورت إلى علقة، ثم مضغة مخلقة، وغير مخلقة، ثم نشأة العظام، وكسوتها باللحم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى