مقال

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 10″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن شهر رمضان والإعجاز القرآني ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكــروري

 

ونكمل الجزء العاشر مع شهر رمضان والإعجاز القرآني، والماء الذى يشربه، والبحر المسخر لأجله، والنتيجة أن ظهر الفساد، وفي الآونة الأخيرة تيقن الجميع من ظهور الفساد، وأين ظهر الفساد؟ الإجابة التى لا يختلف عليها اثنان هي في البر والبحر معا، ولكن ما السبب في ظهور تلوث البيئة اليوم؟ وهو أن السبب الذى لا سبب غيرها الإنسان، فلم يعرف عن مخلوق غير الإنسان أنه السبب، حتى إبليس وجنوده من الشياطين قد يقدرون على فساد النفوس، ولكن ليس لهم القدرة الحقيقية على إحداث الفساد المادى في البر والبحر، فليس للشيطان قدرة على تغيير مناخ الأرض مباشرة، فالشيطان يزين لأوليائه من الإنس تخريب الأرض وعناصرها اللازمة للحياة، ونحن نناقش الفساد المادى للأرض، إنما نعني ما يسمى بلغة اليوم تلوث البيئة، كان لزاما علينا أن نشير إلى مضمون آيات القرآن التي تتحدث عن الفساد والصلاح.

 

باعتبارهما ركنين متناظرين لقضية واحدة وأولا قد وردت مادة كلمة الفساد فى آيات القرآن نحو خمسين موضعا، مشيرة إلى عدة معاني منها صفات المفسدين، ومنها نزعتهم إلى الفساد وعدم الإصلاح، وأن الله لا يحبهم ويلعنهم، وأنهم مفسدون ولكن لا يشعرون، وأن الله عليم بهم، وأن عاقبتهم السوء، وأنهم لا يتساوون مع المصلحين، وأيضا ترد مفردات الكلمة تنهى نهيا قطعيا عن الإفساد في الأرض، كما في قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك هم الخاسرون” وفي قوله تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها” أو كما جاء فى سورة ” وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد فى الأرض” أو كما جاء فى سورة الأعراف ” فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين”

 

أو كما جاء فى سورة الأعراف ” أخلفنى فى قومى وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين” أو كما جاء فى سورة هود ” ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” أو كما جاء فى سورة القصص” ولا تبغ الفساد فى الأرض إن الله يحب المفسدين” أو كما جاء فى سورة العنكبوت ” وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا فى الأرض مفسدين” أو كما جاء فى سورة الشعراء ” ولا تطيعوا أمر المسرفين، الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون”وأرجى آية في كتاب الله تعبر عن حال البيئة اليوم وهي قوله تعالى كما جاء فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون” حيث يتضح من التدبر في الآية أربعة ملامح رئيسة، وهى ظهور الفساد في البر والبحر، وسبب ظهور الفساد هو الناس بما كسبت أيديهم، وانعكاس آثار الفساد سلبا على الناس.

 

وطريق الإصلاح والعودة إلى الله، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو هذا القرآن على أحد من البشر وهو متجرد من الكبر والهوى والحسد والاغترار بزخرف الدنيا ومتاعها إلا أسلم مكانه، وصار آية فى كل مكان بشرى وما ذلك إلا لقوة سلطان القرآن على القلوب، وشدة تأثيره على النفوس، فإذا عرفت عظمةَ هذا القرآن ومكانته عند رب العالمين الذى أنزله، وعند الملائكة، وعند الأنبياء وأممهم، وعند أهل الكتاب المصدقين بالحق، وعند الصحابة، وعند الجن عرفت منزلة القرآن فى قلبك، وأنت أيها المسلم تعرف ذلك من نفسك تماما، فإن كان تعظيم القرآن فى قلبك ومكانته ومنزلته في قلبك كما يجب للقرآن، وكما يليق بهذا الكتاب، وكما يحب الله ويرضى، فاحمد الله تعالى على هذه النعمة، واسأل الله عز وجل الثبات على تعظيم القرآن المجيد، وعلى العمل به، وإن كان تعظيم القرآن.

 

ومنزلته فى قلبك أقل مما يجب وأقل مما يليق بالقرآن العظيم، فتب إلى الله، واستدرك ما كان من نقص، وتدارك ما فات من العمر فما أنت فيه من خير ونعمة وطاعة في الدنيا، وما تكون فيه في الآخرة من نعيم الجنة فسببه القرآن، فاعرف له قدره، وقم بما يجب له، وقد أيد الله سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزات الكثيرة التي يؤمن على مثلها الناس، ولكن أعظم معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم هى القرآن العظيم، لقول النبى صلى الله عليه وسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من نبى إلا وأوتى ما مثله آمن عليه البشر، وإنما الذى أوتيته وحيا، فأرجوا أكون أكثرهم تابعا” رواه البخارى، فالقرآن المجيد هو المعجزة العظمى في كل زمان، باقية إلى يوم القيامة إلى آخر الدهر، وإعجاز القرآن العظيم في نظمه وبلاغته، وفى تشريعاته، وفي شمول أحكامه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى