مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن العماد الحنبلي

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن العماد الحنبلي

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام إبن العماد الحنبلي هو الإمام الفقيه الأديب المؤرخ أبو الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الدمشقي الصالحي الحنبلي، المعروف بإبن العماد، وقد ولد إبن العماد الحنبلي في دمشق وقضى رحلة حياته العلمية ما بين دمشق والقاهرة، وكان إماما فاضلا وأديبا بارعا، وفقيها ومؤرخا وله الباع الطويل في العلم، ومن أشهر مصنفاته كتاب شذرات الذهب في أخبار من ذهب،وهو مؤرخ وفقيه عالم بالأدب، وإن الشخص قد يكون إماما في فن من الفنون، وله يد طولى فيه، وإن كان موصوفا بالبدعة في جانب معين، فمثل الزمخشري عفا الله عنه إمام في اللغة بغير شك، فإطلاق الإمامة عليه في هذا الجانب لا محظور فيه على فرض أن أحدا ما أطلقه عليه، وأما من يوصف بالإمام غالبا هو من كان رأسا في العلم، له أتباع يعرفون بالانتماء إلى مذهبه كالأئمة الأربعة المعروفين.

 

وقد يطلق هذا اللقب أو ما في معناه على بعض كبار أصحابهم ممن عرفوا بتقدم القدم في العلوم، وشهد لهم معاصروهم ومن بعدهم بالحذق والدراية سواء بلغوا رتبة الاجتهاد المطلق، أو كانوا مجتهدين في مذاهبهم، وقد ينقل عن بعض من عرفوا بالبدعة فيما نبغوا فيه من مجالات العلم، كما ينقل عن الزمخشري في التفسير وما يتعلق بعلوم اللغة إلى غير ذلك، ولكن لا ينقل في باب الأحكام الشرعية والفروع الفقهية إلا من الكتب المعتمدة في المذاهب الأربعة، أو كلاما للأئمة المحققين المعروفين بالاجتهاد ومتابعة الأثر كشيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحا نحوه، وولد الإمام ابن العماد في صالحية دمشق سنة ألف واثنين وثلاثين من الهجرة، الموافق ألف وستمائة وثلاث وعشرين ميلادي، في زمن الدولة العثمانية، وفي أيام عزّها وقوتها، ونشأ بها، وقرأ القرآن الكريم على بعض الشيوخ.

 

وطلب العلم مشمّرا عن ساعد الجد والاجتهاد، فأخذ عن أعلام الأشياخ وأجلهم الشيخ أيوب الخلوتي الصوفي، وتلقى الفقه قراءة وأخذا عن ابن فقيه فصة مفتي الحنابلة بالشام في عصره، وعن الشيخ شمس الدين بن بلبان، ورحل الإمام ابن العماد إلى القاهرة وأقام بها مدة طويلة، فأخذ العلم عن الشيخ سلطان المزاحي، والشيخ النور الشبراملسي والشيخ شمس الدين البابلي، والشيخ شهاب الدين القليوبي، وغيرهم من الشيوخ، ثم عاد إلى دمشق ولزم الإفادة والتدريس، وانتفع به كثير من أبناء عصره، وفيهم العلامة محمد أمين بن فضل الله المحبي صاحب كتاب خلاصة الأثر، والشيخ عثمان بن أحمد بن عثمان النجدي الحنبلي، والشيخ مصطفى الحموي والشيخ عبد القادر البصري، ونشأ ابن العماد الحنبلي في دمشق وطلب العلم مشمرا عن ساعد الجد والاجتهاد، فقرأ القرآن الكريم.

 

وتلقى الفقه عن كبار الشيوخ في عصره، ثم رحل إلى القاهرة وأقام بها مدة طويلة فأخذ عن علمائها وكبار شيوخها، ثم رجع إلى دمشق ولزم الإفادة والتدريس، وانتفع به كثير من أبناء عصره، ومنهم المحبي صاحب كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، وقال المحبي عن ابن العماد الحنبلي في كتابه خلاصة الأثر هو شيخنا العالم الهمام، المصنف الأديب الطرفة الإخباري، كان من آدب الناس وأعرفهم بالفنون وأغزرهم إحاطة بالآثار وأقدرهم على الكتابة والتحرير، وكان لا يمل ولا يفتر عن المذاكرة والاشتغال وكتب الكثير بخطه، وكما قال المحبّي في معرض ترجمته له في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، وكان مع كثرة امتزاجه بالأدب وأربابه، مائلا بالطبع إلى نظم الشعر، إلا أنه لم يتفق له نظم شيء وفيما علمته منه، ثم أخبرني بعض الإخوان.

 

أنه رأى في المنام كأنه ينشد هذين البيتين كنت في لُجة المعاصي غريقا، لم يصلني يد تروم خلاصي، أنقذتني يد العناية منها، بعد ظني أن لات حين مناص، كما قال وكنت لقيته في عنفوان عمري وتلمذت له وأخذت عنه، وكنت أرى لقيته فائدة أكتسبها، وجملة فخر لا أتعداها، فلزمته حتى قرأت عليه الصرف والحساب، وكان يتحفني بفوائد جليلة ويلقيها عليّ، وحباني الدهر مدة بمجالسته، فلم يزل يتردد إليّ تردد الآسي إلى المريض، حتى قدّر الله تعالى لي الرحلة عن وطني إلى ديار الروم، وطالت مدة غيبتي وأنا أشوق عليه من كل شيق، حتى ورد عليّ خبر موته وأنا بها، فتجددت لوعتي أسفا على ماضي عهوده، وحزنا على فقد فضائله وآدابه” وكان للإمام إبن العماد الحنبلي مؤلفات وكتب منها، شذرات الذهب في أخبار من ذهب، وهو ثمانية أجزاء، وشرح متن المنتهى في فقه الحنابلة.

 

وشرح بديعية ابن حجة في قطر، وتفسير ابن عماد الحنبلي، وكما كان له رسائل، منها معطية الأمان من حنث الأيمان وهو مخطوط بخطه، وقد خلف رحمه الله عددا من المصنفات في علوم مختلفة منها بغية أولي النهى في شرح المنتهى، وتوفي ابن العماد الحنبلي في مكة المكرمة عقب أدائه لفريضة الحج وكان ذلك سنة ألف وتسع وثمانين من الهجرة، الموافق ألف وستمائة وتسع وسبعين للميلاد، وكان عمره حينذاك ثماني وخمسين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى