مقال

الدكروري يكتب عن هيا نودع رمضان ” جزء 7″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن هيا نودع رمضان ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السابع مع هيا نودع رمضان، ولنعلم أن هذا الأمر الذى يقع فيه كثير من الناس عاقبته إنها تعود على الإنسان نفسه، فالله عز وجل غني عن طاعة الطائعين مستغن عن عبادة العباد فقال سبحانه في الحديث القدسي الصحيح المعروف “يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، ولو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا، فهو سبحانه الغنى ونحن الفقراء إليه فإن أطعناه في ذلك طمأنينة في قلوبنا وانشراح لصدورنا وسعادة لنفوسنا وبركة فى أموالنا وأوقاتنا وذرياتنا وحسن عاقبة في آخرتنا بإذن الله عز وجل، وإن عصيناه، لا قدر الله فإن ذلك ظلمة في القلب وضيق في الصدر وهم وغم، لأن الله عز وجل قال “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا”

 

فكيف لو أراد الله عز وجل، قضى أن يعاقب كل أحد على معصيته لكان كما قال الله تعالى “ما ترك على ظهرها من دابة” وقال الله تعالى “فمن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا” إنما هو المتضرر هو أنت أيها العبد المؤمن فكيف ترضى بعد الغنيمة فى مواسم الخير أن تعود خاوى الوفاق وان تتحمل الديون من جديد، فإن هذا التاجر الذى يصنع هذا الصنيع لا شك انه أحمق وأنه يجني على نفسه جناية عظمى وأنه يكون عند الناس غير مرضي عنه ولا مقبول عمله، ثم انظروا ما ساق الله لنا فى هذا الشهر الكريم، انظروا ما كنا عليه بحمد الله عز وجل، مما ينطبق بإذنه سبحانه وتعالى، وصف وشهادة الحق في قوله ” إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين” فإن هذه الشهادة كنا ننالها بحمد الله ونحن نأتي إلى المساجد.

 

ونحن نتسابق إليها مع آذان المؤذن وقبل دخول الوقت ونحن نمكث فيها نظل فيها أوقاتا طويلة ويعتكف المعتكفون ويتهجد المتهجدون ويتطوع المتطوعون، فكيف بنا بعد ذلك نتخلى عن هذا الخير وقد يصدق في بعضنا قول الله تعالى ” فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا” فما بالنا وقد أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام بالمثوبة والأجر في هذا العمل العظيم والركن الركين، والأساس المتين في هذا الدين، ثم بعد ذلك نفرط هذا التفريط وكنا في هذا الشهر ممن يخاطبون، فيقول الله تعالى “الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون” فهل ننتكس بعد ذلك ونرتكس ويكون حالنا كمن قال الله تعالى في شأنهم عن المنافقين.

 

“ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون، فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون” فلا ينبغي لنا أن ننزل عن مرتبة المنفقين المسارعين في البذل والإنفاق حتى نصل بعد ذلك وفى نهاية الشهر إلى الوصف الذميم الذي ذكر النبي عليه الصلاة والسلام كما رواه احمد “أن المؤمن يطبع على الخلال كلها إلا الكذب والخيانة” وقد ذم النبي عليه الصلاة والسلام البخل والشح فينبغى لنا أن نبرأ من هذا الداء العضال وقد تبرأنا منه طيلة الشهر فلا ينبغي لنا أن نعود كما قال تعالى “الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا” وكيف بنا وقد كان لنا عظيم الصلة بكتاب الله عز وجل وكنا مقبلين على تلاوته نرطب به ألسنتنا، ونمتع به أسماعنا.

 

ونحيي به قلوبنا، ونتذكر به أوامر ربنا، ويحق فينا بإذنه قوله تعالى “إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور” وكنا ممن يصدق فيهم وصفه سبحانه وتعالى “وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا” فكيف بنا بعد ذلك نرتد للقرآن هاجرين وعن آياته منقطعين وعن أوامره غافلين وقد يصدق في بعض منا قوله تعالى “وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم” وقبل هذه الآية ما يدل على كيفية استبدال الناس بالقرآن بغيره، من الغناء ومن اللهو والعبث ومزامير الشيطان، فقال تعالى” ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله” هكذا هى مفارقة عجيبة ليس بينها في الزمن إلا يوم واحد أو ليلة واحد يكون فيها الناس على الخير مقبلين وبعد ذلك مباشرة يكونون عنه نافرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى