مقال

الدكروري يكتب مكافحة الإرهاب في الإسلام “جزء 1”

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب مكافحة الإرهاب في الإسلام “جزء 1”

بقلم / محمــــد الدكـــــروري

 

إن الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، بل هو أفضل ما تقرب به المتقربون وتنافس فيه المتنافسون بعد الفرائض، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من نصر المؤمنين وإعلاء كلمة الدين، وقمع الكافرين والمنافقين وتسهيل انتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين، وإخراج العباد من الظلمات إلى النور، ونشر محاسن الإسلام وأحكامه العادلة بين الخلق أجمعين، وغير ذلك من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة للمسلمين، وقد ورد في فضله وفضل المجاهدين من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يحفز الهمم العالية، ويحرك كوامن النفوس إلى المشاركة في هذا السبيل، والصدق في جهاد أعداء رب العالمين، وهو فرض كفاية على المسلمين، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين.

 

وقد يكون في بعض الأحيان من الفرائض العينية التي لا يجوز للمسلم التخلف عنها إلا بعذر شرعي، وكما لو استنفره الإمام أو حصر بلده العدو أو كان حاضرا بين الصفين، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم، فى سنته النبويه الشريفه أنواع الجهاد بمفهومه الشامل فقال ” ما من نبي بعثه الله تعالى في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ” والمراد بجهاد القلب هنا هو بغضهم وبغض حالهم التي هي عقيدة الولاء والبراء، وبدونها لا يصير الإنسان مؤمنا.

 

وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم، فعل القلب هذا جهادا، كما سمى فعل اللسان جهادا، ومن باب أولى أن يسمى فعل اليد جهادا، فعن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال ” جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال أجاهد؟ قال ” ألك أبوان ” قال نعم، قال ” ففيهما فجاهد” وأمثلة هذا من السنة النبويه كثيرة، ويسمى فيها بعض الأعمال الصالحة أو يجعلها بمنزلة الجهاد، كقوله صلى الله عليه وسلم ” الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله” وهكذا يتضح لنا مدى اتساع دائرة الجهاد مرتبطة بمجالات الحياة كلها، وهكذا حتى عندما يكون هناك قتال صحيح مع العدو، فإن جهاد كل واحد بحسبه، فالطبيب بخبرته الطبية، وأهل الإغاثة بإغاثتهم، وأهل الإعلام بإعلامهم، وأهل الأموال بأموالهم.

 

ويبقى بقية في البلد يقومون بشؤونها ويخلفون المجاهدين في أهليهم بالخير والرعاية والحراسة، لتستمر عجلة الحياة في الدوران، وكما ينبغي للمؤمن أن يحدث نفسه بالجهاد، وشرف نصرة الدين، وإذا صدق في سؤال الله الشهادة، بلغه الله منازل الشهداء، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث سهل بن حنيف عن أبيه عن جده عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” من سأل الله الشهاده بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه ” ويجب علينا أن نعلم أن الابتلاء هو سنة من سنن الله تعالى في هذه الحياة، فدار الدنيا دار بلاء، فقد قال الله عز وجل، موضحا فى كتابه الكريم فى سورة البقره “ولنبلونكم بشئ من الخوف، والجوع، ونقص من الأموال، والأنفس، والثمرات، وبشر الصابرين”.

 

وهذا الابتلاء ميدان تظهر فيه مكنونات النفوس، ومخفيات الصدور، كما قال الله تعالى فى سورة الأنفال “ليميز الله الخبيث من الطيب” وقال سبحانه وتعالى أيضا فى سورة آل عمران “وليعلم الذين نافقوا” والمؤمن الصادق شاكر في السراء، وثابت في الضراء، وفي حكمة الابتلاء تستيقظ النفوس، وترقّ القلوب، وتصدق المحاسبة، وفي ساعات الابتلاء يتجلى الثبات في الشديد من اللحظات، وسط صرخات اليائسين، وتبرم الشاكين، وقلق الشاكين، وإن الاستقامة على الحق، وملازمة العمل الصالح، من أعظم أسباب الثبات في الأزمات والملمات، ولا تطمئن إلى ثبات من الكسالى والقاعدين إذا أطلت الفتن برأسها، وادلهمت الخطوب بويلاتها، ومن هنا يقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة إبراهيم.

 

“يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخره ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء” وإن العالم اليوم يخوض قضية أقضت فيه المضاجع، وأثارت عنده المكنون، وولدت لديه إفرازات، إنها قضية الإرهاب والإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل، فلا بد من التأكيد أن الإرهاب شر يجب التعاون على اجتثاثه واستئصاله، كما يجب منع أسبابه وبواعثه، فقد عانت منه دول، وذاقت من ويلاته مجتمعات بدرجات متفاوتات، الإرهابيون يرتكبون فظيع الجرائم عندما يقدمون على قتل الأبرياء، وتدمير الممتلكات، ويفسدون في الأرض، فإن الإرهاب شر كله، وخراب كله، وأحزان كله، وفساد كله، وإن الشخص محترف الإرهاب هو شخص منحرف التفكير، ومريض النفس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى