مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الهروي ” جزء 4″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الهروي ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

قال وسمعت أصحابنا بهراة يقولون لما قدم السلطان ألب أرسلان هراة في بعض قدماته اجتمع مشايخ البلد ورؤساؤه ودخلوا على أبي إسماعيل وسلموا عليه وقالوا ورد السلطان ونحن على عزم أن نخرج ونسلم عليه فأحببنا أن نبدأ بالسلام عليك وكانوا قد تواطئوا على أن حملوا معهم صنما من نحاس صغيرا وجعلوه في المحراب تحت سجادة الشيخ وخرجوا وقام الشيخ إلى خلوته ودخلوا على السلطان واستغاثوا من الأنصاري، وأنه مجسم وأنه يترك في محرابه صنما يزعم أن الله تعالى على صورته وإن بعث السلطان الآن يجده فعظم ذلك على السلطان وبعث غلاما وجماعة، فدخلوا وقصدوا المحراب فأخذوا الصنم فألقى الغلام الصنم فبعث السلطان من أحضر الأنصاري فأتى فرأى الصنم والعلماء ، وقد اشتد غضب السلطان، فقال له السلطان ما هذا ؟ قال صنم يعمل من الصفر شبه اللعبة.

 

قال لست عن ذاك أسألك قال فعم يسألني السلطان ؟ قال إن هؤلاء يزعمون أنك تعبد هذا، وأنك تقول إن الله على صورته؟ فقال شيخ الإسلام بصولة وصوت جهوري سبحانك هذا بهتان عظيم فوقع في قلب السلطان أنهم كذبوا عليه، فأمر به فأخرج إلى داره مكرما، وقال لهم اصدقوني وهددهم فقالوا نحن في يد هذا في بلية من استيلائه علينا بالعامة، فأردنا أن نقطع شره عنا فأمر بهم ووكل بهم وصادرهم وأخذ منهم وأهانهم، وقال أبو الوقت السجزي دخلت نيسابور وحضرت عند الأستاذ أبي المعالي الجويني فقال من أنت ؟ قلت خادم الشيخ أبي إسماعيل الأنصاري ، فقال رضي الله عنه، قلت اسمع إلى عقل هذا الإمام ودع سب الطغام إن هم إلا كالأنعام، وقال ابن طاهر وسمعت أبا إسماعيل يقول كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم، قلت ولم ؟ قال لأنهما لا يصل إلى الفائدة منهما.

 

إلا من يكون من أهل المعرفة التامة وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها فيصل إلى فائدته كل فقيه وكل محدث، وقال عبد الغافر بن إسماعيل كان أبو إسماعيل الأنصاري على حظ تام من معرفة العربية والحديث والتواريخ والأنساب إماما كاملا في التفسير، حسن السيرة في التصوف غير مشتغل بكسب مكتفيا بما يباسط به المريدين والأتباع من أهل مجلسه في العام مرة أو مرتين على رأس الملأ، فيحصل على ألوف من الدنانير وأعداد من الثياب والحلي فيأخذها ويفرقها على اللحام والخباز، وينفق منها ولا يأخذ من السلطان ولا من أركان الدولة شيئا وقلما يراعيهم ولا يدخل عليهم ولا يبالي بهم فبقي عزيزا مقبولا قبولا أتم من الملك، مطاع الأمر نحوا من ستين سنة من غير مزاحمة وكان إذا حضر المجلس لبس الثياب الفاخرة وركب الدواب الثمينة ويقول إنما أفعل هذا إعزازا للدين ورغما لأعدائه.

 

حتى ينظروا إلى عزي وتجملي، فيرغبوا في الإسلام، ثم إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المرقع من الثياب والقعود مع الصوفية في الخانقاه يأكل معهم ولا يتميز بحال وعنه أخذ أهل هراة التبكير بالفجر، وتسمية الأولاد غالبا بعبد المضاف إلى أسماء الله تعالى، كما قال أبو سعد السمعاني كان أبو إسماعيل مظهرا للسنة داعيا إليها محرضا عليها وكان مكتفيا بما يباسط به المريدين ما كان يأخذ من الظلمة شيئا وما كان يتعدى إطلاق ما ورد في الظواهر من الكتاب والسنة معتقدا ما صح، غير مصرح بما يقتضيه تشبيه وقال مرة من لم يري مجلسي وتذكيري وطعن في ، فهو مني في حل، قلت غالب ما رواه في كتاب الفاروق هو صحاح وحسان وفيه باب إثبات استواء الله على عرشه فوق السماء السابعة بائنا من خلقه من الكتاب والسنة فساق دلائل ذلك من الأيات والأحاديث إلى أن قال وفي أخبار شتى.

 

 

أن الله في السماء السابعة على العرش وعلمه وقدرته واستماعه ونظره ورحمته في كل مكان، وكما قيل إن شيخ الإسلام عقد على تفسير قوله “إن الذين سبقت لهم منا الحسنى” ثلاثمائة وستين مجلسا، وقد أطال الله في عمره، فمات وهو ابن أربع وثمانين سنة، وكانت وفاته في هراة عصر يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ربعمائة وواحد وثمانين من الهجرة، وهكذا قال أبو النضر الفامي توفي شيخ الإسلام في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة وأشهر، وفيها مات مسند أصبهان أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن ماجه الأبهري ومسند نيسابور أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبيد الله المحمي المزكي وراوي جامع الترمذي أبو بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى