مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الزركلي ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الزركلي ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

وكما له كتاب عامان في عمان، وهو مذكرات الزركلي أثناء إقامته في عمان وهو في جزأين، وله أيضا ماجدولين والشاعر، وهي قصة شعرية قصيرة، وله كتاب شبه الجزيرة في عهد الملك بن عبد العزيز، وله أيضا كتاب الملك عبد العزيز في ذمة التاريخ، وله صفحة مجهولة من تاريخ سوريا في العهد الفيصلي، والجزء الثاني من ديوان أشعاره، وله قصة تمثيلية نثرية أسماها وفاء العرب، وفي بيروت ولد خير الدين بن محمود بن محمد بن علي فارس الزركلي في ليلة التاسع من ذي الحجة لعام ألف وثلاثمائة وعشرة الموافق الخامس والعشرين من شهر يونيو لعام الف وثماني مائة وثلاث وتسعين ميلادي، ونشأ في دمشق حيث موطن أبيه وأمه فهما دمشقيان، وتعلم في إحدى مدارسها الأهلية، وأخذ عن علمائها على الطريقة القديمة التي كانت سائدة آنذاك في التعليم، وتفتحت مواهبه مبكرا فأقبل على قراءة كتب الأدب.

 

وجرى لسانه بنظم الشعر، وصحب مخطوطات المكتبة الظاهرية فكان لا يفارقها إلا لساعات قليلة، وفي هذه الفترة المبكرة من حياته أصدر مجلة أسبوعية بعنوان الأصمعي نشر فيها عصارة فكره المتقد، ونافح عن أمجاد العرب والعروبة، وكانت الشام آنذاك مسرحا لصراعات قومية بين العرب والترك، ولم تستمر المجلة فقد صادرتها الحكومة العثمانية، واضطر الزركلي إلى السفر إلى بيروت والتحق بمدرسة اللاييك أستاذا للتاريخ والأدب العربي وهو دون الخامسة والعشرين، وفي الوقت نفسه كان تلميذا بها يهوى دراسة الفرنسية، ثم عاد إلى دمشق وأصدر جريدة يومية باسم المفيد، وفي أثناء ذلك كان ينظم القصائد الحماسية التي تتغنى بأمجاد الوطن، ويتعلق بآمال الحرية والاستقلال حتى دخل الفرنسيون دمشق، وأطاحوا بحكومة الملك فيصل وقضوا على أماني سوريا في الاستقلال وبعد أن استشهد كثير من شباب سوريا في معركة ميسلون الخالدة.

 

وتم إعلان الانتداب الفرنسي، فغادر خير الدين الزركلي دمشق إلى عمان، وبعد مغادرته البلاد قرر المجلس العسكري التابع للفرقة الثانية في الجيش الفرنسي الحكم غيابيا إعدام خير الدين ومصادرة أملاكه لأنه جاهر بعداء الفرنسيين في جريدته المفيد ونعتهم بالغدر والخيانة، ودعا أهل وطنه إلى مقاومتهم، وفي عمان تم تعيين الزركلي مفتشا عاما للمعارف، ثم تولى رئاسة ديوان الحكومة، وفي خلال ذلك انطلق شعره معبرا عن الأسى والحنين إلى دمشق، مذرفا أغزر الدمع عليها ينوح على دياره، ولم يستمر الزركلي في عمله كثيرا بعمان، فعاد إلى دمشق بعد إيقاف تنفيذ حكم الإعدام عليه، وأخذ عائلته واتجه إلى القاهرة وكانت ملتقى الأحرار في العالم العربي وعاصمة الثقافة العربية، وأنشأ بها المطبعة العربية، وطبع بها كتبا كثيرة، وفي أثناء إقامته بالقاهرة حكم الفرنسيون عليه ثانية بالإعدام، بعد اشتعال ثورة السوريين على الاحتلال الفرنسي.

 

وكان لهذا النبأ وقع سيئ عليه، فاعتلت صحته وباع المطبعة، واستجم ثلاث سنوات بدون عمل، زار خلالها الحجاز مدعوا من آل سعود الذين آلت إليهم مقاليد الحكم هناك، وتمتع برعايتهم، ثم ذهب إلى القدس وأصدر مع زميل له جريدة الحياة اليومية، لكن الحكومة الإنجليزية عطلتها، واتفق مع أصدقاء آخرين على إصدار جريدة يومية في يافا، وأعد لها مطبعة، لكن الجريدة لم يصدر منها سوى عدد واحد، وأغلقت أبوابها بسبب التحاقه بالعمل الدبلوماسي في الحكومة السعودية، وعمل الزركلي مستشارا بالوكالة في المفوضية العربية للسعودية بمصر، وكان أحد المندوبين السعوديين في المداولات التي سبقت إنشاء جامعة الدول العربية وفي التوقيع على ميثاقها، وقام بتمثيل الحكومة السعودية في عدة مؤتمرات دولية، وكما تم انتدابه لإدارة وزارة الخارجية بجدة متناوبا مع الشيخ يوسف ياسين وزير الخارجية بالنيابة، ثم تم تعيينه وزيرا مفوضا.

 

ومندوبا دائما لدى الجامعة العربية ثم عمل سفيرا للسعودية بالمغرب، ولم تشغله أعماله الدبلوماسية عن الكتابة والتأليف وإن كف عن نظم الشعر، ولم تنقطع صلته بزيارة المكتبات ودور الكتب في أماكن مختلفة من العالم، وأثمرت جهوده عن عدة مؤلفات منها ما رأيت وما سمعت وهو عن رحلته الأولى من دمشق إلى فلسطين فالحجاز، وعامان في عمان، وتناول فيه مذكراته عن عامين قضاهما في مدينة عمان، والملك عبد العزيز في ذمة التاريخ، وصفحة مجهولة من تاريخ سوريا في العهد الفيصلي، وكتابه الأعلام، غير أن أهم إنتاجه هو كتابه الفذ هو كتابه الأعلام، وهو يعد من أعظم الكتب العربية التي ظهرت في القرن الرابع عشر الهجري، ترجم فيه لنحو اكثر من ثلاثة عشر وربعمائة علما من القديم والجديد، معتمدا على ما يزيد عن ألف وبضع مئات من المصادر والمراجع المطبوعة والخطية، فضلا عن مئات الصحف والدوريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى