مقال

الدكروري يكتب عن اقبل الحديقة وطلقها تطليقة 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن اقبل الحديقة وطلقها تطليقة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

قيل أن أحد المحتضرين ممّن بدنياه انشغل وغرّه طول الأمل لما نزل به الموت واشتد عليه الكرب اجتمع حوله أبناؤه يودعونه ويقولون له قل لا إله إلا الله فأخذ يشهق ويصيح فأعادوها عليه فصاح بهم وقال الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا والبستان الفلاني ازرعوا فيه كذا والدكان الفلاني اقبضوا منه كذا، ثم لم يزل يردد ذلك حتى مات، فقد مات هذا الرجل وترك بستانه ودكانه يتمتع بهما ورثته وتدوم عليه حسرته، وذكر ابن القيم أن أحد تجار العقار ذكروه بقول لا إله إلا الله عند احتضاره فجعل يردد ويقول هذه القطعة رخيصة وهذا مشترى جيّد وهذا كذا وهذا كذا حتى خرجت روحه وهو على هذا الحال ثم دفن تحت الثرى بعدما مشى عليه متكبرا، فقد جمع الأموال وكثر العيال فما نفعوه في قبره ولا ساكنوه، وقال ابن القيم واحتضر رجل ممن كان يجالس شراب الخمور فلما حضره نزع روحه اقبل عليه رجل ممن حوله وقال يا فلان يا فلان.

 

قل لا إله إلا الله فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه فردد عليه صاحبه يا فلان قل لا إله إلا الله فالتفت إليه وصاح لا اشرب أنت ثم اسقني، اشرب أنت ثم اسقني وما زال يرددها حتى فاضت روحه إلى باريها، فنعوذ بالله العظيم القائل “وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل” وأما عن قول “اقبل الحديقة وطلقها تطليقة” وهذه تلك هى الجملة الشهيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي قالها لثابت بن قيس حينما أرادت زوجته أن تفارقه في أول خلع عرفه الإسلام، فذكر في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، ثابت بن قيس ما اعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته، وكانت مهرها، قالت نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس “اقبل الحديقة وطلقها تطليقة”

 

وكانت هناك أيضا امرأة مسلمة تسمى تميمة بنت وهب، كانت تعيش في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وتحيا حياة سعيدة مع زوجها رفاعة، وكان يعاملها أحسن معاملة، ولكنها ذات يوم رأته مقبلا مع مجموعة من الرجال وإذا هو أقبحهم منظرا، فحدثتها نفسها لماذا أصبر على هذا؟ ولماذا استمر مع هذا الزوج القبيح؟ واشتاقت إلى أن تتزوج غيره ورفضت تريد أن تضيع حياتها مع هذا الرجل، فذهبت إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وقالت “يا رسول الله إني لا أعيب عليه في خلق ولا دين فهو نعم الناس بأخلاقه ودينه، لكنى أكره الكفر في الإسلام، أنا أبغضه كما أبغض الكفر، فأنا لا أتحمل البقاء معه ولا أعيب عليه شيئا، ولكنى لا أريد أن أستمر معه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم “أتردين عليه حديقته؟” وقد كان زوجها قد أعطاها حديقة مهرا لها، فقالت تميمة أرد عليه حديقته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها.

 

” خذ الحديقة وطلقها تطليقة، إن المرأة لا تريدك” فطلقها رفاعة ثم لما خرجت من عدتها تزينت، وبعد ذلك خطبها عبدالرحمن بن الزبير، فلم تجد منه ما كانت تجده من زوجها الأول، ودارت مقارنة بداخلها بين عبدالرحمن بن الزبير، وزوجها الأول رفاعة من حيث متعة الفراش وغيره من المعاملة، فكانت تذمه وتقول له أنت لست رجلا مثل الرجال فكان يضربها، فالرجل لا يقبل أن تذمه زوجته أبدا بمثل تلك الأقوال والأفعال، وقد ذهبت تميمة إلى السيدة عائشة رضي الله عنها تشتكي من الزوج الجديد وقالت لها إنه يعاملني معاملة سيئة، وأنا اغتريت بمنظره وشكله وجمال صورته ثم أنه يضربني، وكانت تلبس خمارا أخضر اللون، وقالت للسيدة عائشة رضي الله عنها انظري إلى يدي، فلما نظرت إلى يدها إذا بها أثار ضربات لونها أخضر، وعندما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت.

 

وكان بيت النبي صلى الله عليه وسلم، هو مقر حكمه بين الناس، بقيت المرأة وجلست، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، السيدة عائشة، وقال لها “من هذه يا عائشة؟” فقالت السيدة عائشة إنها فلانة وأخبرته باسمها، وقالت السيدة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم، الله ما تلقى نساء المؤمنين منهن، أي النساء تصبر على الرجال، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم وما ذاك؟ فقالت السيدة عائشة رضى الله عنها جاءتني تشتكي أن زوجها يضربها والله يا رسول الله لا أدرى أذراعها أشد خضرة أم خمارها من شدة الضرب، فطلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، إحضار زوجها فحضر الزوج ومعه ولدان من غيرها، فقد كان متزوجا من غيرها وقبل الزواج منها، فلما أقبل قالت الزوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه يضربني وذمت رجولته فدافع الرجل عن نفسه، وقال كذبت، والله يا رسول الله إني لأنفضها نفض الأديم ولكنها ناشز تريد رفاعة إن عندي زوجه قبلها.

 

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “هل هؤلاء أولادك؟ فقال لرسول الله نعم يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن لديه أولاد وهو قادر، وقال لها أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ويقصد بذلك زوجها السابق، ثم أكمل قائلا ” لا والله أنت اشتقت إلى زوجك الأول، فإن كان ذلك لم تحلي له، أو لم تصلحي له، حتى يذوق من عسيلتك “وهكذا كان الصحابى الجليل ثابت بن قيس وحكايته مع زوجته التى طلبت الخلع منه، وما شابة ذلك من حكايايات، وهكذا كان حب النبى صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام، وللانصار، فعن حميد الطويل، قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، قال كانت الأنصار يوم الخندق تقول “نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما حيينا أبدا” فأجابهم النبى صلى الله عليه وسلم ” اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة” رواه البخارى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى