مقال

الدكروري يكتب عن مرحبا أعظم أيام الدنيا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مرحبا أعظم أيام الدنيا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله تعالى أكمل لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دين الإسلام في يوم من أيام العشر من ذي الحجة وهو يوم عرفة حين نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالي كما جاء فى سورة المائدة ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بعرفة يوم الجمعة، وكان أحبار اليهود يقولون لو نزلت فينا معشر اليهود لاتخذناها عيدا، ومن فضائل العشر من ذي الحجة أن فيها يتم الركن الخامس من أركان الإسلام ألا وهو الحج، وما أدراك ما الحج ؟ فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه” وكذلك فيها يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم” أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر” رواه احمد، ويوم القر، هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة.

 

وسمي بذلك لأن الناس يقرّون فيه بمنى، وقال ابن القيم رحمه الله، خير الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر، وقيل يوم عرفة أفضل منه لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة لأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف، وسواء كان هو الأفضل أم يوم عرفة، فليحرص المسلم حاجا كان أو مقيما على إدراك فضله وانتهاز فرصته، وكذلك فيها يوم عرفة، ويوم عرفة هو يوم عظيم يعتق الله فيه عباده من النار، ويتجاوز عن الذنوب والأوزار، ويباهي بأهل الموقف الملائكة، وصيام يوم عرفة لغير الحاج، فإن الله يكفّر به سنتين، سنة قبله، وسنة بعده، كما أخبر بذلك الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال” صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده”

 

فإنها سعة رحمة الله عز وجل وفيض جوده وكرمه، أن جعل صيام يوم واحد سببا لمغفرة ذنوب سنتين من الصغائر، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة وندم وعزم على عدم العودة إليها أبدا وإقلاع عن المعصية، فإن شق عليك صيام أيام التسع الأولى من ذي الحجة، فلا تحرم نفسك من صيام يوم عرفة لما فيه من عظيم الأجر وجزيل المثوبة، وكان القياس أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم” أرجو من الله ” موضع كلمة “أحتسب” وعدّاه بعلى التي للوجوب علي سبيل الوعد مبالغة في تحقيق حصوله” ومعنى يكفر السنة التي قبله، يعني الصغائر المكتسبة فيها، ومعنى يكفر السنة التي بعده، أى بمعنى أن الله تعالي يحفظه من أن يذنب فيها أو أن يعطي من الثواب ما يكون كفارة لذنوبها أو أن يكفرها حقيقة ولو وقع فيها، ويكون المكفر مقدما على المكفر، أما الحجاج فلا ينبغي لهم أن يصوموا هذا اليوم لأنهم أضياف الرحمن، والكريم لا يجوع أضيافه.

 

فقد أخرج أبو داود وابن ماجة ” نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات” وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى أنه أفطر بعرفة فقد أرسلت إليه أم الفضل بلبن فشرب، ويستحب في يوم عرفة حفظ الجوارح من المحرمات في هذا اليوم، فقد أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن يوم عرفة ” إن هذا اليوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له” ويسن الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق فإنها أصل الدين وأساسه وركيزة بنائه ففي مسند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو علي كل شيء قدير” وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

 

“خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ” رواه الترمذى، وفى الحديث دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب في الأغلب، وأن أفضل الذكر”لا إله إلا الله” وأيضا من الفضائل هو كثرة الدعاء بالمغفرة والعتق، فإنه يرجى إجابة الدعاء فيه، فقد روى ابن أبي الدنيا عن علي رضي الله عنهما أنه قال ” ليس يوم أكثر فيه عتق للرقاب من يوم عرفة، فأكثروا فيه أن تقولوا اللهم اعتق رقبتي من النار، ووسع لي من الرزق الحلال، واصرف عني فسقة الإنس والجان” وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء” رواه مسلم، وقال ابن عبد البر رحمه الله وهذا الحديث يدل على أنهم مغفور لهم لأنه لا يباهي الملائكة بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران والله أعلم،

 

وأخرج مالك في الموطأ عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب” ولنحذر من الذنوب التي تمنع المغفرة والعتق فيه وقبول الدعاء ومنها الإصرار على عدم التوبة والوقوع في الكبائر والذنوب، والرجوع إلى المعصية بعد انقضاء الطاعة والاختيال والكبر لما أخرجه البزار والطبراني من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال “ما يُرى يوم أكثر عتقا ولا عتيقا من يوم عرفة لا يغفر الله فيه لمختال ” والمختال هو المتعاظم في نفسه المتكبر، حيث قال الله تعالي فى سورة لقمان “إن الله لا يحب كل مختال فخور”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى