مقال

الدكروري يكتب عن ميلاد خير الأنام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ميلاد خير الأنام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد اختلف العلماء والمؤرخون في تحديد اليوم الذي ولد فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فبعضهم يقول إنه في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول، وبعضهم يقول إنه في اليوم الثامن، وبعضهم يقول إنه في اليوم التاسع، وبعضهم يقول إنه في اليوم العاشر، وبعضهم يقول إنه في الثاني عشر، وبعضهم يقول إنه في السابع عشر، وبعضهم يقول إنه في الثاني والعشرين، ورجّح أكثر المحققين والفلكيين أنه صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين الثامن من شهر ربيع الأول لأنهم وجدوا أن تاريخ الثاني عشر لا يصادف يوم الاثنين، ولكنهم اتفقوا على أن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، فأيهما أولى أن نحزن أو نحتفل؟ وأيهما أولى أن نتمسك بالمختلف فيه أم بالمتفق عليه؟ فإن إقامة الموالد والاحتفال بها لا تزيد النبي صلى الله عليه وسلم شرفا ولا رفعة لأن شرفه وفضله صلى الله عليه وسلم فوق القمة، فهو سيد الأولين.

 

وأكرم الخلق عند رب العالمين، ولقد طابت سريرته، وحمدت سيرته بين قومه قبل بعثته وبعدها، فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم سلوكا، وألطفهم معاشرة، وألينهم قلبا، وأعظمهم حلما، وأصدقهم حديثا، وآمنهم أمانة، وأعزهم جوارا، وأكرمهم خيرا، وأعفهم نفسا، وأبرهم عملا، وأوفاهم عهدا، وأوسعهم كرما ورفدا، يحمل الكل ويُكسب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق، خالط قومه في الخير والجد، وفارقهم في الهزل والباطل، وكان قد حُبب إليه البعد عن بيئة الجاهلية المظلمة، فاتخذ غار حراء ملاذا للقلب والروح والفكر، يتأمل في هذا الوجود الفسيح وتخبطه في دياجير الظلمات، فيجد في هذه البقعة النائية سعادة واطمئنانا لا يجده في غيرها، حتى بلغ سن الأربعين فجاءه الحق بالنبوة في ليلة من ليالي غار حراء الغراء فقال له “اقرأ، قال ما أنا بقارئ،أي لا أستطيع القراءة، فردد جبريل عليه السلام ذلك ثلاثا.

 

ورسول الله يقول ما أنا بقارئ، فقال جبريل عليه السلام في الرابعة قارعا سمعه ببواكير وحي السماء من عند الله تعالى ” اقرأ باسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم” وإن ذلك المجيئ المفاجئ والطارق الجديد المشرق في تلك الساعة الصامتة قد أفزع قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى زوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها راجف الفؤاد، مرتعد البدن يطلب منها التدثير والتزميل، وأخبرها بما حدث، فطمأنته وسكنت من روعه، وحلفت له أن الله لن يخزيه، ولن يخيب سعيه، فبُر قسمها، حين رفع الله له ذكره، وأعلى شأنه، وجعل دينه الطريق الوحيد إلى النجاة من خزي الدنيا والآخرة، ثم توالى الوحي بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسله الله رحمة للعالمين.

 

فقال تعالى فى سورة الأنبياء ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” فيقول صلى الله عليه وسلم، عندما سُئل عن سبب صيامه ليوم الاثنين، قال “ذاك يوم ولدت فيه” فالنبي صلى الله عليه وسلم عظم يوم ولادته بالصيام لا بالاحتفال، فلماذا لا يسع البعض ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم؟ ولماذا نترك السنة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم ولادته وهي الصيام ونفعل البدعة وهي الاحتفال، ويقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه “اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم” فإن الاحتفال بموالد العظماء والصالحين عادة أخذها المسلمون من نصارى الشام ومصر عند ما رأوهم يحتفلون بميلاد نبى الله عيسى عليه السلام، فقلدوهم في ذلك ظنا منهم أن في هذا تعظيما للنبي صلى الله عليه وسلم، ونسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بهم، وخاصة في أعيادهم ومناسباتهم الدينية، ثم توسع الأمر وأحدث الشيعة إضافة إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم.

 

مولدا للإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه ومولدا للحسن ومولدا للحسين، ومولدا لفاطمة رضي الله عنهم جميعا، وأما اليوم فقد توسع الأمر أكثر وأكثر، فوجدت الموالد المختلطة، ووجدت الموالد التي يدعى إليها المطربون والممثلون لإلقاء الألحان والترانيم، كما نشاهده في وسائل الإعلام في بعض الدول الإسلامية، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ” خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” ويقول أيضا “فإنه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى