مقال

الدكروري يكتب عن مقاصد بعثة النبي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مقاصد بعثة النبي

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن القرآن الكريم في عهديه المكي والمدني على السواء اعتنى اعتناء كامل بجانب الأخلاق، مما جعلها تتبوأ مكانة رفيعة بين تعاليمه وتشريعاته، حتى إن المتأمل في القرآن الكريم يستطيع وصفه بأنه كتاب خلق عظيم، وأن الأخلاق جزء وثيق من الإيمان والاعتقاد، فإتمام الأخلاق وصلاحها من أهم مقاصد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر, فقال له “يا أبا ذر، ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر, وأثقل في الميزان من غيرها؟ قال، بلى يا رسول الله, فقال صلى الله عليه وسلم “عليك بحسن الخلق, وطول الصمت، فو الذي نفسي بيده، ما تجمل الخلائق بمثلهما” رواه الطبراني، وأن هناك من أسعد غيره فشفاه الله من مرضه، فقيل أن هناك أستاذ جامعي ابتلاه الله بمرض في القلب.

 

فسافر إلى أوروبا لإجراء جراحة عاجلة، فلما قرر الأطباء الجراحة وظن أنه ربما يموت، قال أمهلوني ثلاثة أيام لأرجع إلى أهلي لألقي عليهم نظرة أخيرة، ولأرتب بعض الأمور، فإن قدر الله عليَّ الوفاة أكون مطمئنا، فعاد الرجل وقبل أن يسافر بيوم إلى الطبيب بالخارج مرة أخرى لإجراء الجراحة، كان يجلس إلى جوار صديق له في مكتب إلى جوار جزار، ولفت نظره امرأة كبيرة تلتقط العظم وبعض قطع اللحم النيئ من الأرض وتضعه في سلة معها، فتعجب الرجل وخرج ونادى على هذه الأم الكبيرة، وقال ما تصنعين يا أماه؟ قالت والله يا بني لقد رزقني الله خمسا من البنات، ما ذاقوا طعم اللحم منذ عام تقريبا، فأنا أجمع لهم بعض هذه القطع، فبكى الرجل وتأثر ودخل على هذا الجزار وقال يا أخي هذه المرأة ستأتيك في كل أسبوع وأعطها من اللحم ما تريد، قالت لا.

 

أريد كيلو فقط، قال بل أعطها اثنين، وأخرج من جيبه مباشرة قيمة لحم لعام كامل مقدما، فبكت المرأة ولم تصدق، ورفعت يديها تتضرع بالدعاء إلى الله جل وعلا أن يسعد هذا الرجل وهو صاحب القلب المريض، فيقول والله ما إن عدت إلى بيتي إلا وأنا أشعر بهمة ونشاط وسعادة، حتى لو كلفوني بهدم بيت لفعلت ذلك، ويقول فلما دخلت قابلتني ابنتي وقالت ما شاء الله يا أبي أرى اليوم حركتك ونشاطك وجدك زاد، ما هذا؟ أرى وجهك يتهلل وتعلوه البسمة والسعادة، فقص عليها القصة فبكت البنت، وكانت صالحة ورفعت يديها إلى السماء لتدعو الله جل وعلا وتقول أسأل الله أن يسعدك بشفاء مرضك، كما أسعدت هذه المرأة وأولادها، واستجاب الملك، وسافر الرجل بعد إصرار من أهله وهو الذي شعُر بالتحسن الكامل، وأمام أطبائه في الخارج صرخ طبيبه الذي يعلم حالته.

 

وقال ما هذا؟ فنظر إليه وقال ما الذي حدث؟ قال من الذي بذل لك العلاج بهذه الصورة؟ وعند أي الأطباء قد تعالجت وطلبت العلاج؟ فبكى الرجل بين يديه وقال تاجرت مع الله فشفاني الله جل وعلا، بين غمضة عين وانتباهتها، فهذا هو طريق السعادة، وهذا هو طريق السعادة يا أصحاب الأموال والمناصب، فإنكم لن تشعروا بالسعادة في الدنيا والآخرة إلا إذا سلكتم هذا الطريق، وكيف ترجو السعادة إن كنت من أهل الكسب الحرام، وإن خيل لك ذلك وأنت تتعاطى الربا مثلا فاقرأ قوله تعالى “يمحق الله الربا” وليست عقوبة الآخرة أقل من الدنيا فيقول تعالى فى سورة البقرة “الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس” فيا ابن آدم بشكل عام احذر خطوات الشيطان تكن سعيدا في هذه الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، واتخذه عدوا.

 

تشعر بالسعادة عاجلا وأنت واجد ذلك آجلا والله يقول “ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدون مبين” ويا ابن آدم في طباع النفس من الهلع والجزع والشح والبخل، ما يقعد بها عن السعادة، وفي تعاليم الإسلام ووصايا القرآن ما يهذبها وتضمن سيرها إلى الله عز وجل، وإن كثيرا من الناس يعيشون في شيء يسمى وهم السعادة فبعضهم يظنها في المال والبعض الأخر يظنها المنصب وأخر يظنها في الشهر و كلها أوهام لا يقف على حقيقتها إلا أولوا الأفهام، وقد أشار القرآن الكريم إلى شقاء أصحاب الأموال الذين لا يتقون الله تعالى في جمعها وإنفاقها، ومعرفة حق الله عز وجل فيها، وهكذا كانت الأخلاق في حياة المسلمين سببا رئيسا لعزتهم وقوتهم ومنعتهم وسعادتهم، فعاشوا فيما بينهم حياة يسودها الحب والتعاون والاحترام المتبادل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى