مقال

الدكروري يكتب عن جارك هو ميزانك

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن جارك هو ميزانك

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ينبغي أن نعلم أنه ليس من الإيمان أن يشبع الرجل وجاره جائع، فعن ابن عباس قال “سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه” رواه الطبراني والحاكم، وفي الحديث دليل واضح على أنه يحرم على الجار الغني أن يدع جيرانه جائعين، فيجب عليه أن يقدّم إليهم ما يدفعون به الجوع، وكذلك ما يكتسون به إن كانوا عُراة، ونحو ذلك من الضروريات” وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال “ما آمن بي مَن بات شبعان وجاره جائع إلى جَنبه وهو يعلم” رواه الطبراني والبزار، وإن من حقوق الجار هو أنه إذا استقرضك أقرضته، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبا الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت لجبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال لأن السائل يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة” رواه ابن ماجه.

 

والقرض الحسن هو الذي لا يكون فيه منّ ولا أذى، وبعيدا عن شُبهة الحرام، كالربا وغيره لأن ما ينبت مِن حرام، فلا مصير له إلا النار، وكما أن من حقوق الجار إذا افتَقَر عُدت إليه أي أحسنت إليه، وتعاونت معه تأكيدا للمعنى الذي أشار إليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مثَل المؤمنين في تَوادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تَداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى” رواه مسلم، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن لله عز وجل خلقا خلقَهم لحوائج الناس، يفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون مِن عذاب الله” رواه الطبراني، وعلى المسلم أن يعلَم أن المال مال الله، وما هو إلا حارس عليه، ومَن زرع حصد، وكما إن من حقوق الجار هو إذا مرض عُدته، فعن الإمام علي قال.

 

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “ما من مسلم يعود مسلما غدوة، إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة” رواه الترمذي، وإن زيارة المرضى تقرب الناس مِن بعضهم بعضا، وترفع معنويات المريض، وتجعل بينهم صلات قوية، ليس هذا فحسب، بل هي موعظة بليغة للزائر إذ يرى أن الإنسان مهما تكبّر وتعنت، فيمكن لقليل من المرض أن يرقد على السرير، ومن ثَم يبتعد عن المعاصي حتى لا يناله انتقام الجبار المتكبر الذي ربما يبتليه بمرض يُودي بحياته، ومن السّنة أن يقول الزائر للمريض لا بأس عليك، طهور إن شاء الله، شفاك الله وعافاك، وأن يطمعه في الحياة، وقرب الشفاء، إلى غير ذلك من الكلمات الطيبة التي يكون لها أثر عظيم في نفس المريض، وكما أن من حقوق الجار هو إذا أصابه خير هنأه.

 

فعلى الجار أن يظهِر الفرحة بخير أصاب جاره حتى يشعر بحبه له، وسعادته بما هو سعيد به، فإذا رأيت جارك أو صاحبك قد لبس ثوبا جديدا، فقل له قول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى على عمر قميصا أبيض، فقال “ثوبك هذا غسيل أم جديد؟” قال بل غسيل، قال “البس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا” رواه ابن ماجه، وإذا قَدم جارك من سفر، فقل له “الحمد لله الذي سلمك” أو “الحمد لله الذي جمع الشمل بك” وإذا أراد أن يحج، فقل له مودعا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للغلام الذي أراد الحج، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أريد هذه الناحية للحج، قال فمشى معه وقال “يا غلام، زوّدك الله التقوى، ووجّهك الخير، وكفاك الهمّ” فلمّا رجع سلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع رأسه إليه.

 

فقال “يا غلام، قبل الله حجّتك، وكفر ذنبك، وأخلف نفقتك” رواه الطبراني، وإذا أراد الزواج، فقل له بعد عقد النكاح قول النبي صلى الله عليه وسلم “بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير” رواه الترمذي، وإذا رُزق بمولود، فقل له “بارك الله لك بالموهوب، وشكرت الواهب، وبلغ أشدّه، ورُزقت برّه” ومن حقوقه أيضا هو أن تعزّيه في مصيبته، وأن تتبع جنازته إذا مات، وألا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقتار قدرك، إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهدي له، وتبدأه بالسلام ولا تطيل معه الكلام، وغض بصرك عن نسائه، ولا تتبع النظر فيما يحمله إلى داره، إلى غير ذلك من الحقوق الطيبة، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيُورّثه” لذا كان حسن الجوار من أوليات دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى