مقال

الدكروي يكتب عن عُرف بالصادق الأمين

جريدة الاضواء

الدكروي يكتب عن عُرف بالصادق الأمين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه من كان مع الله عز وجل فلا يبالي بأحد في الدنيا كلها فكن مع الله ولا تبالي أحد، فماذا وجد من فقد الله؟ وماذا فقد من وجده سبحنه وتعالي؟ لقد خاب وخسر من رضي بغير الله بدلا أولئك الذين يظنون أن قدراتهم الذهنية، وإمكاناتهم البدنية، وممتلكاتهم المادية ستحميهم من دون الله، وستكون لهم حصنا منيعا عن عقاب الله تعالى إن هم أخطؤوا أو أساؤوا أو قصّروا أو فرّطوا في حق الله خاب سعيهم ولم يصدق ظنهم أنهم الأقوياء والقادرون على حماية أنفسهم لأن الله تعالى هو وحده القادر على حمايتنا وحفظنا من أي سوء يمكن أن نقع به، ولقد نشأ النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يتيما، وماتت أمه وعمره ست سنوات، ثم كفله جده، ثم عمه أبو طالب، عمل في رعي الأغنام، وعُرف بالصادق الأمين ثم في التجارة عند السيدة خديجة بنت خويلد.

 

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخلو بنفسه في غار حراء في شهر رمضان تاركا كل من حوله مبتعدا عن كل باطل، محاولا التقرب من كل صواب قدر ما استطاع، متفكرا في خلق الله وإبداعه في الكون، وكانت رؤياه واضحة لا لبس فيها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول “حُبّب إلي من دنياكم الطيب، والنساء، وجُعلت قرة عيني في الصلاة” ولكن ما المراد بحب النساء؟ هو حب إكرام النساء لأن المرأة ضعيفة، فينبغي إكرام هؤلاء، والمعاشرة معهن بالمعروف كما قال الله تعالي في سورة النساء ” وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” ومن حُسن العشرة أيضا هو التلطف بالقول، وعدم رفع الصوت، وعدم الغضب على القليل والكثير، فكان من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يعيب طعاما قط مع أهل بيته.

 

وُضع الطعام، إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه لم يأكله، هذا من حُسن العشرة، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع نساءه على الطعام، فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، كل واحدة لها بيتها الخاص بها، لكنهن يجتمعن كل ليلة كما ذكر ذلك الإمام أحمد في مسنده، ذكر أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يجتمعن كل ليلة في بيت من كان النبي في ليلتها إذا كانت الليلة ليلة حفصة يذهب نساء النبي صلى الله عليه وسلم لطعام العشاء في بيت حفصة، حتى إذا طعمن انتشر الجميع، كل واحدة منهن إلى بيتها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء، فوضعت له وضوءا، قال “من وضع هذا؟” فأخبر، فقال “اللهم فقهه في الدين” وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر على شظف العيش، وعلى خشونة الحياة.

 

فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير حتى أثر الحصير في جسد النبي صلى الله عليه وسلم، ولما دخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا رسول الله، أنت تنام على الحصير، وكسرى وقيصر ينامان على الحرير؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إيه يا ابن الخطاب، لو غيرك قالها لأوجعته ضربا، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟” فكانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم حياة بسيطة، حتى قالت بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم “كان يمر علينا الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال فما كان طعامكم يا خالة؟ قالت الأسودان التمر والماء” فكانت أمهات المؤمنين يصبرن على شظف العيش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خيّرهن الله، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.

 

فينبغي للمرأة المسلمة أن تصبر على حال زوجها من الفقر والعَوز والحاجة، وأن تصبر على شظف العيش كما صبرت أمهات المؤمنين، فإن الله عز وجل ينزل بركات ورحمات على البيوت المؤمنة، وعلى البيوت الصالحة، البيوت التي فيها قيام الليل، البيوت التي فيها أطفال يحفظون القرآن، البيوت التي فيها حلقات العلم، وهذه البيوت تنزل عليها رحمات من الله، تنزل عليها عطاءات من الله، وكذلك أيضا البيوت التي فيها قيام الليل، والبيوت التي فيها صلاة الفجر في جماعة، والبيوت التي فيها أطفال يحفظون القرآن فإنه يتسع البيت على أهله ببركة القرآن، فإنه من حُرم قيام الليل وصلاة الفجر في جماعة، وقراءة القرآن الكريم، وتحفيظ أبنائه القرآن الكريم فوالله قد حُرم الخير كله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى